تشكو قسوة القلب.. أقبل على الله في الصلاة (2-2)

سبق وأن تناول الكاتب في الجزء الأول من مقاله.. ما يتعلق بخشوع القلب في الصلاة، ومظاهر ذلك الخشوع، وانتهى ذلك الجزء بذكر بعضٍ من مراتب الناس في الصلاة كما حددها العلماء.. وإلى المزيد عن خصال المصلِّين في الجزء الثاني…

عبد الله بن جار الله

الصلاة

قال بعض العلماء: يحتاج المصلي إلى أربع خصال حتى ترفع صلاته: حضور قلب، وشهود عقل، وخضوع أركان وخشوع الجوارح.

قال بعض العلماء: يحتاج المصلي إلى أربع خصال حتى ترفع صلاته: حضور قلب، وشهود عقل، وخضوع أركان وخشوع الجوارح، فمن صلى بلا حضور قلب فهو مصل لاه، ومن صلى بلا شهود عقل فهو مصل ساه ومن صلى بلا خضوع الأركان فهو مصل جاف ومن صلى بلا خشوع الجوارح فهو مصل خاطئ ومن صلى بهذه الأركان فهو مصل واف.

وقال صلى الله عليه وسلم لمن طلب منه موعظة وجيزة: (صل صلاة مودع) أي إذا صليت فأكمل صلاتك كأنها آخر صلاة تصليها في حياتك والخشوع في الصلاة حالة تخضع وتطمئن فيها الجوارح بأعمال الصلاة ترافقها أذكار صادرة عن ذهن حاضر متدبر وتواكبها خواطر تقوم بالفؤاد منفعلة بمهابة الله وإجلاله ومشاعر متجهة إليه في القنوت والإخبات.

ولا تتم صلاة بغير خشوع مهما كانت ملتزمة بالمظهر المسنون أو انضبطت فيها الحركات الآلية أو تم كلام اللسان، والخشوع حالة لا تتيسر إلا لمن تعهد نفسه بالتزكية ورطب لسانه بذكر الله في كل حين وألان فؤاده باستشعار هيبة ربه حتى تفجرت في نفسه ينابيع الإيمان وعرف طمأنينة اليقين فصار يحسن العبادة كأنه يرى الله “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ” (الحديد:16) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

والخشوع تكامل بين معان مختلفة من التوجه إلى الله ومن التجرد له عما سواه واستشعار جلال الله وعظمته، والتذلل له والخضوع والاستكانة بين يديه ولا بد من استحضار هذا الشعور الكامل لدى كل قول أو عمل من إجراءات الصلاة فالخشوع قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.

وأجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب وثمرته على الجوارح فالخاشعون هم الخاضعون لله والخائفون منه، وفسر الخشوع في الصلاة بأنه جمع الهمة لها والإعراض عما سواها وهذا الخشوع وسيلة لتنمية ملكة حصر الذهن التي لها أكبر الأثر في نجاح الإنسان في هذه الحياة، وقد علق فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم فدل على أن من لم يخشع في صلاته فليس من أهل الفلاح.

ومما يبطل الصلاة الكلام العمد والضحك والأكل والشرب وكشف العورة والانحراف عن جهة القبلة والعبث الكثير وحدوث النجاسة، ومما يعصم من الشيطان التعوذ بالله منه ومخالفته والعزم على عصيانه وكثرة ذكر الله تعالى.

أخي: حافظ على صلواتك الخمس بشروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها وسننها ومكملاتها حتى يحفظك الله بها وقد شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في محوها للخطايا بالنهر الجاري الذي يغتسل منه العبد كل يوم خمس مرات فيذهب ما فيه من الأوساخ والأدران قال: (فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)، وقال تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ. أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ” (المعارج:24-25) اللهم اجعلنا وجميع المسلمين من المحافظين على الصلوات المكرمين بنعيم الجنات، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.


المصدر: بتصرف عن موقع صيد الفوائد

مواضيع ذات صلة