من إعجاز القرآن في وصف رحلة الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج.. حادثة يحتفل بها المسلمون كل عام، ويرونها معجزة لسيد الخلق وتسرية عنه من رب العالمين، وشبهة يراها المتشككون مثيرة للجدل والاستفهام.. وبعيدا عن الاحتفال و الجدال.. يحلل لنا الدكتور زغلول النجار النص القرآني الذي أشار لتلك القصة بشكل يدلل على عظمة كتاب الله وشموليته وإعجازه اللغوي والبياني[1]

أ.د. زغلول النجار

الإسراء والمعراج

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء:1)

قال تعالى: “أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى. عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى” (النجم:12-18)..

في صبيحة ليلة الإسراء والمعراج –التي بعد أن استهلت سورة الإسراء بالإشارة إليها- خرج رسول الله – صلي الله عليه وسلم- ليخبر أهل مكة بما حدث معه في هذه الرحلة المباركة، وطفق المشركون يتناولون الخبر في تعجب وسخرية.

وفي أثناء ذلك تحدى بعضهم رسول الله أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله – تعالي- له، وطفق رسول الله يصفه لهم بابا بابا، في شيء من التفصيل. فقالوا: أما النعت فوالله قد أصاب.

وعلي الرغم من ذلك بقي غالبية المشركين من قريش عاجزين عن فهم تلك المعجزات؛ لأنهم قاسوها بقدراتهم البشرية المحدودة.. ناسين أن قدرة الله- تعالي- لا تحدها حدود.

من أوجه الإعجاز في وصف القرآن الكريم لرحلة الإسراء والمعراج:

  • الدقة الفائقة في التسمية لأن الإسراء هو السفر بالليل، والمعراج هو الصعود في السماء، والعلوم المكتسبة تثبت أن جميع صور المادة والطاقة لا يمكنها التحرك في السماء إلا في خطوط متعرجة وذلك لتباين جذب الأجرام السماوية المختلفة لها. ومن هنا يصف القرآن الكريم الحركة في السماء بتعبير العروج.
  • الربط بين حرمة كل من المسجد الحرام والمسجد الأقصى الذي ندعو الله أن يعيننا علي سرعة تحريره قريبا إن شاء الله. فعن أبي ذر- رضي الله- عنه أنه قال: (سألت رسول الله – صلي الله عليه وسلم- أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة.)

ومن الثابت أن الكعبة بنتها الملائكة علي أول جزء من اليابسة خلقه ربنا – تبارك وتعالي- قبل خلق أبينا آدم -عليه السلام- ببلايين السنين. وإذا كان المسجد الأقصى قد بني بعد بناء الكعبة بأربعين سنة، فلا بد وأن تكون الملائكة هي التي قد بنته في نفس الفترة.

 والجمع بين هاتين البقعتين المباركتين في رحلة الإسراء والمعراج هو تأكيد علي حرمتهما. وشاءت إرادة الله أن ينبه المسلمين إلي أن حرمة المسجد الأقصى مستمدة من حرمة الكعبة المشرفة حتى يكون في ذلك استنهاض لهمتهم بضرورة المحافظة على حرمة هاتين البلدتين عبر كل زمان ومكان والعمل من أجل حمايتهما من عدوان المعتدين إلي يوم الدين.

  • تعاظم المسافات التي قطعها رسول الله بشكل يفوق كل تصور، مما يشير إلي أن الله – تعالى- قد طوي له المكان، وأوقف له الزمن، وهذا ما لا تستطيعه القدرات البشرية. والعروج برسول الله دون أية واسطة مادية أو أية حماية من المخاطر الشديدة التي يتعرض لها رواد الفضاء، مما يؤكد عظمة معجزة الإسراء والمعراج، ومدي التكريم الذي ناله المصطفي – صلي الله عليه وسلم- بتحقيقها له، وهو تكريم لم ينله مخلوق من قبل ولا من بعد.
  • إن في بعث كل من الأنبياء والمرسلين، وأصحاب المرائي التي شاهدها رسول الله لدليل آخر علي طلاقة القدرة الإلهية الحاكمة لهذا الكون.

هذه بعض الدروس المستفادة من الاحتفال بذكري معجزة الإسراء والمعراج في كل عام تأكيدا علي طلاقة القدرة الإلهية الحاكمة لهذا الكون، وعلي مقام خاتم الأنبياء والمرسلين عند رب العالمين, فصلي الله وسلم وبارك عليه والحمد لله رب العالمين.

الهامش:

[1] – إضافة المحررة

______________________________________

المصدر: بتصرف يسير عن موقع فضيلة الدكتور زغلول النجار http://bit.ly/2qhSDJB

مواضيع ذات صلة