العمل في الإسلام.. الأمن الاجتماعي مقدم على الكسب

 إن هدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط، ففضلاً عن معانيه التعبدية، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة…

إعداد/ فريق التحرير

عامل النظافة

من حق العامل أن لا يحيف عليه صاحب العمل سواء في الأجر أو في مدة العمل أو ينقصه حقوقه الثابتة بالشرط أو بالعرف.

يعظم الإسلام من شأن العمل فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه، قال الله تعالى في  كتابه: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (النحل:97) فالأنبياء الذين هم أفضل خلق الله قد عملوا.. فعمل آدم عليه السلام بالزراعة، وداود بالحدادة، ومحمد عليه الصلاة والسلام برعي الغنم والتجارة، فلا يجوز للمسلم ترك العمل باسم التفرغ للعبادة أو التوكل على الله، ولو عمل في أقل الأعمال فهو خير من أن يسأل الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدوا إلى الجبل فيحتطب، فيبيع فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس).

ويمكن تعريف العمل بأنّه عبارة عن نشاطٍ جسديٍّ يقوم به الإنسان ويبذلُ فيه مجهوداً لتحقيق غاية أو إنجاز أو إنتاج معين، ومن الممكن أيضاً تعريفه بأنّه أداءٌ مُهمّةٌ يقوم بها الانسان لتحقيقِ فائدةٍ لشخصٍ أو مجموعةِ أشخاصٍ آخرين مقابل أجرٍ.

 وعرّف الإسلام العمل بأنّه: ذلك المجهود الذي يقوم ببذلِهِ الإنسان في إحدى مجالات الحياة لتحقيقِ مصالحَ شخصيّةٍ أو عامّةٍ وتقديم منتوجٍ جديدٍ كثمرةٍ للمجهود المبذول التي تحقق النّفع للنّاس وتقضي حوائجَهم، ويشترط بذلك أن يكونَ العملُ في كل مجالات الحياة المحللة شرعاً؛ أي أن يكونَ مصدرُ الرّزق والعمل حلالاً لا يشوبه أيّ شكّ.

للعمل في الإسلام مكانة عالية ومنزلة رفيعة، به ينال الأجر والثواب، وهو عبادة عظيمة لله وامتثال لأمره، عن طريقه تقوم الحياة، وتعمر الديار، وتزدهر الأوطان، ويحدث الاستقرار، أمر به سبحانه وتعالى فقال: “فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (الجمعة: 10)، وقال تعالى: “وَجَعَلْنَا النَّهَارَ‌ مَعَاشًا” (النبأ: 11)، وقال سبحانه وتعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” (الملك: 15).

واعتَبَر الإسلام العمل نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله، فقد رأى بعض الصحابة شابًّا قويًّا يُسرِع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله، فردَّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تقولوا هذا؛ فإنَّه إنْ كان خرَج يسعى على ولده صِغارًا فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان) (صححه الألباني).

هدف العمل في الإسلام

 إن هدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط، ففضلاً عن معانيه التعبدية، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة، وكم من مجتمعات بلغت الغاية في الكسب المادي، ولكن أفرادها ظلت حياتهم مملوءة بالقلق والخوف والوحدة والشعور الحاد بالغربة القاتلة، وكأنها تعيش في غابة مملوءة بالوحوش الكاسرة، لذا نجد علاقات طردية بين العمل الصالح -والذي من وراءه بسط الرزق- والتوازن الاجتماعي.

ولأهمية قضية العمل وتنمية المجتمعات وإعمار الأرض في الإسلام لم تُترك الأمور بلا ضوابط.. بل وضعت الشريعة الإسلامية معايير واضحة لضمان حصول كلا من العامل وصاحب العمل على حقه مع أداء واجبه.

فمن حق العامل على صاحب العمل أن يحدد له أجر عمله مسبقا، وأن يوفيه إياه وقت استحقاقه له دون تأجيل أو مماطلة، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استأجر أجيرا فليسم له إجارته)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره).. فهؤلاء خصمهم الله يوم القيامة، فليتق الله أصحاب المؤسسات وأصحاب الشركات الذي يستقدمون العمال، ثم يؤخرون أجورهم شهرا وشهرين وثلاثة.. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).

ومن حقه على صاحب العمل ألا يكلفه من العمل ومن الزمن فوق طاقته، ففي الحديث: (إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم).

ومن حق العامل كذلك أن لا يحيف عليه صاحب العمل بالشروط المجحفة، سواء في الأجور أو في مدة العمل أو ينقصه حقوقه الثابتة بالشرط أو بالعرف. فالظلم ظلمات يوم القيامة، وهو أعظم ما يكون في حق الضعفاء.

وفي المقابل على العامل أن يتحلى بحسن الخلق، والأمانة والإخلاص؛ فيحرص على وقت العمل وموارده وعدم إهدارها، وألا يستغل منصبه وموقعه في الحصول على مكاسب شخصية ليست من حقه، كذلك عليه المحافظة على أدوات العمل وأجهزته ومعدَّاته ووسائله، وكذلك أسرار العمل.. فهذه الصفات كلها مما يندرج تحت باب الأمانة.

كما أن عليه أن يكون دقيقا في عمله متقنا له، ويلتمس في سبيل ذلك كل الطرق المعينة والميسرة، وأن يلتزم بأنظمة العمل المتفق عليها، وأن يكون راقيا في تعامله وع زملائه ورؤسائه ومراجعيه.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، ويقول أيضاً: رضي الله عنه: إني لأرى الرجل فيعجبني، فأقول أله حرفة؟ فإن قالوا: لا.. سقط من عيني. فعلى المسلم أن يعمل ويجتهد حتى تتحقق قيمته في الحياة.. وينهض بهمته المجتمع.

___________________________________________

المراجع:

  • كنانة أون لاين

http://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/posts/680193

  • إسلام ويب

http://bit.ly/2oX2F2Z

  • شبكة الألوكة الثقافية

http://www.alukah.net/social/0/32647/

  • ويكيبيديا

http://bit.ly/1MOj0rc

  • موضوع

http://bit.ly/2qE4Cxo

مواضيع ذات صلة