القرآن الكريم.. وحيٌ سماوي أم اختلاق بشري؟! (الجزء الثاني)

لو كان محمد يقرأ ويكتب، فشعراء قريش وكبراؤهم كانوا يقرؤون ويكتبون أيضاً، وهم وُجِدوا قبل ميلاد الرسول، فلماذا لم يأتوا بمثل القرآن ، ولماذا لمَّا تحدهم الرسول لم يواجهوه بكلام من جنس القرآن؟

(مقتطف من المقال)

إعداد/ فريق التحرير

القرآن

لو كان محمد غير أمِّيٍّ لما خفي ذلك على قومه، ولكذَّبوه في وَصْفِ نفسه بالأمِّيِّ، ولم يُعرف عن قومه أنهم أنكروا عليه وَصْفَ الأميِّة.

كتاب الله تعالى.. دليلٌ يهدي الحيارى.. ونورٌ يضيء الظُلم.. ونبراس يشع على الكون بهجة وسلاما.. وبالرغم من كل ذلك.. استطاع الشيطان أن يتسلل لبعض الأنفس فأثار فيها الشبهات، وحول طمأنينة تأثير القرآن الكريم عليها لقلق واضطراب وتشكك…

مع كتاب الله تعالى في شهر رمضان.. نحلل الشبهات المختلفة المُثارة حوله، ونرصد القضايا المتعلقة به، ونقدم الأجوبة عليها…

تقول الشبهة: إن مصدر القرآن لم يكن وحياً من السماء أوحاه الله إلى نبيه محمد، بل كان مصدره الكتب السابقة. وقد استدلَّ أصحاب هذه الشبهة على ذلك بأمور، نجملها فيما يلي:

– أن خمسة وسبعين في المئة من آيات القرآن مقتبسة من الكتاب المقدس للنصارى (العهد الجديد).. وتمت الإجابة على تلك الشبهة في (الجزء الأول من المقال).

– واستدلوا أيضاً بأن الرسول كان قد استعان ب (بحيرا) الراهب.

– ثم قالوا: إن الرسول كان يقرأ ويكتب، بدليل أنه مارس التجارة في شبابه، وهي تستلزم معرفة الكتابة والحساب، وأيضًا فقد أمر الرسول عندما حضرته الوفاة بكتاب، ليكتب عهده للصحابة، كما ثبت ذلك عنه في عدد من الأحاديث.

– واحتجوا بقوله تعالى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” (العلق:1) على أن محمدًا كان يعرف القراءة والكتابة، وإلا لما طلب منه القرآن أن يقرأ؟! وإذا ثبت أن الرسول لم يكن أميًّا، بل كان قارئًا وكاتبًا، فقد تعيين أن يكون القرآن من تأليفه، وليس وحياً من السماء أوحي إليه.

هذا حاصل ما استدل به أصحاب هذه الشبهة، من أن مصدر القرآن لم يكن وحياً من السماء!!

والجواب على هذه الشبهة، يستدعي تفنيد كل دليل من الأدلة التي استدلوا بها، فنقول:

أما جوابنا على دعوى أن الرسول كان يعلم القراءة والكتابة، بدليل خطاب القرآن له بـ “اقرأ” (العلق:1) نقول: إن هذه الآية ينبغي أن تفهم على ضوء سبب نزولها، وقد نزل بها جبريل في بداية الوحي طالبًا من الرسول أن يتلو ما يقرأه عليه، لا أن يقرأ من كتاب هو بين يديه، وقد دل على هذا، قوله في سبب نزول هذه الآية: ما أنا بقارئ، إذ لم يدرِ الرسول ماذا يقرأ؟ ولا كيف يقرأ؟ ولا لمن يقرأ؛ ولا يمكن أن يكون المقصود بالقراءة في هذه الحادثة، القراءة من كتاب، إذ لم يدفع جبريل إلى النبي كتابًا مكتوبًا ليقرأه. وإنما دفع إليه وحياً مقولاً، فقرأه بعده.

– ثم الاستدلال على كون الرسول لم يكن أميًّا بممارسته التجارة، ليس بالاستدلال المعتبر؛ إذ ليس من شروط العمل بالتجارة وممارستها أن يكون العامل فيها قارئاً وكاتباً، إذ التجارة في الأساس قائمة على الأخذ والعطاء والتبادل، وهذه أمور لا يتوقف القيام بها على معرفة القراءة والكتابة، خصوصاً إذا علمنا أن ممارسة التجارة في عهد الرسول لم تكن على هذه الصورة من التعقيد، كما هي عليه اليوم، بل كانت تجارة تقوم في الأساس على المبادلة والمقايضة في سلع معينة على الأغلب، وعنصر المال فيها لم يكن بهذه الأهمية والمنـزلة التي هو عليها اليوم.

– ثم لو كان محمد غير أمِّيٍّ لما خفي ذلك على قومه، ولكذَّبوه في وَصْفِ نفسه بالأمِّيِّ، ولم يُعرف عن قومه أنهم أنكروا عليه وَصْفَ الأميِّة.

ولو كان محمد يقرأ ويكتب، فشعراء قريش وكبراؤهم كانوا يقرؤون ويكتبون أيضاً، وهم وُجِدوا قبل ميلاد الرسول، فلماذا لم يأتوا بمثل القرآن؟ ولماذا لمَّا تحدهم الرسول لم يواجهوه بكلام من جنس القرآن؟

– أما القول بأن الرسول قد استعان ببحيرا الراهب في تأليف القرآن، وهنا ينبغي القول أن البحث التاريخي يثبت أن الرسول لم يلتقِ ببحيرا إلا مرة واحدة، وكل ما كان في هذا اللقاء أن أوصى بحيرا أبا طالب أن يولي ابن أخيه عناية خاصة، إذ سيكون له شأن، فهذا غاية ما تذكره الروايات التاريخية حول هذا اللقاء، أما ما وراء ذلك من أقوال وروايات فلا مستند لها من التاريخ.

– وقصة الكتاب الذي أراد رسول الله كتابته فقد ذكره البخاري وغيره، وهو لا شك حديث ثابت؛ لكن لا يؤخذ من ماجريات الحديث، أن الرسول كان قد همَّ أن يكتب لصحابته كتابًا بنفسه، بل كل ما يذكره الحديث، أنه قد كان عنده جمع من الصحابة، وأنهم اختلفوا فيما بينهم، فلما رأى اختلافهم، قال: (قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع) رواه البخاري ومسلم. فكما كانوا حوله يكتبون الوحي، فقد طلب منهم أن يكتبوا هذا الكتاب، بعد أن يمليه عليهم.


المصدر: بتصرف يسير عن موقع إسلام ويب

مواضيع ذات صلة