القرآن الكريم و الإلحاد (3)

القرآن الكريم باعتباره موجها للبشر جميعا، وباعتباره خاتم الرسالات السماوية كان طبيعيا أن يخاطب البشر جميعا، ابتداء من المؤمنين صادقي الإيمان إلى مدعي الألوهية، مرورا بجميع أشكال الطمس والانحراف التي يمكن أن تصيب الفطرة الإنسانية…

د. عمرو شريف

يرى الكثير من المفسرين أن القرآن الكريم لم يتناول قضية الوجود الإلهي، باعتبارها فطرة في النفس البشرية، لذلك اتجه القرآن مباشرة إلى تناول أنماط الانحراف المختلفة عن هذه الفطرة.

و نحن نختلف مع هذا الرأي؛ فالكثير من آيات القرآن الكريم تدور حول إثبات حقيقة الوجود الإلهي، كما تدعو الإنسان للنظر في آيات الآفاق والأنفس حتى يتبين أن القرآن حق وأن الإله حق.

والقرآن الكريم باعتباره موجها للبشر جميعا، وباعتباره خاتم الرسالات السماوية كان طبيعيا أن يخاطب البشر جميعا، ابتداء من المؤمنين صادقي الإيمان إلى مدعي الألوهية، مرورا بجميع أشكال الطمس والانحراف التي يمكن أن تصيب الفطرة الإنسانية..

وإليكم أهم أنماط هذا الانحراف كما جاءت في القرآن الكريم:

لمتابعة الجزئين الأول والثاني من المقال يمكن قراءة الموضوعات التالية:

القرآن الكريم و الإلحاد (1)

القرآن الكريم و الإلحاد (2)

8- الضالون.. وهم آخر أنماط الكافرين.. وهم الذين ضلوا عن الحق بعد أن عرفوه.. ومن الضالين أفراد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. عرفوا الحق ثم ألحدوا في أسماء الله عز وجل وفي آياته.

وقد جاء لفظ (يلحد) في القرآن الكريم على ثلاثة معانٍ:

الأول: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (الأعراف:180).

وهذا هو الإلحاد في أسماء الله عز وجل؛ أي الميل والانحراف بها إلى الباطل، فينسبون إلى الله عز وجل العدمية، أو الجبر أو الحلول والاتحاد أو … حاشا لله عز وجل.

الثاني: في قوه تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (فصلت:40).

وهو تحريف معنى آيات القرآن الكريم إلى غير مراد الله عز وجل منها.

والثالث: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ” (النحل:103).

ويلحدون إليه بمعنى ينسبون إليه. والمقصود في الآية أن الكفار ينسبون تعليم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الكُهان، وهؤلاء لسانهم أعجمي غير عربي.

مما سبق يتضح أن القرآن الكريم استعرض كل أنواع الضلال والانحراف عن فطرة الإنسان السوية، للك يحدثنا علماء التوحيد عن توحيد الربوبية[1]، وتوحيد الألوهية[2]، وتوحيد الأسماء والصفات[3]، فسبحان الإله الواحد الأحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

الهوامش:

[1] – توحيد الربوبية: هو توحيد الله عز وجل بأفعاله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة ونحو ذلك.

[2] – توحيد الألوهية: هو إفراد الله عز وجل بالعبادة من صلاة وصوم وحج وزكاة ونحو ذلك.

[3] – توحيد الأسماء والصفات: أن تصف الله عز وجل بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وأن تسميه بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم.

___________________________________________

المصدر: د. عمرو شريف، الإلحاد مشكلة نفسية، نيو بوك، الطبعة الثانية، 2016.

مواضيع ذات صلة