الخريطة الوراثية وهندسةُ الحياةِ المعقدة!

“أدرك جميع من رأى الخريطة الوراثية أن عجز جيناتنا أثار تساؤلات كبيرة: إذا كان لدينا نفس عدد الجينات كالثدييات التي لم تعبر البلاد قط، ما التفاعل الذي يمكن أن يحدث إذا في جزيئات غير حية يمكن أن يفسر ذواتنا المعقدة والفضولية؟”

بقلم/ توم أبيت

ترجمة/ أسماء فوزي

ال DNA

ما التفاعل الذي يمكن أن يحدث في جزيئات غير حية يمكن أن يفسر ذواتنا المعقدة والفضولية؟

كتبعات للإعلان عن خريطة الجينوم البشرية أو الخريطة الوراثية في “سان فرانسيسكو” حيث الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم خلال العطلة الأسبوعية والذي ضم الآلاف من المفكرين لبحث الحقيقة المفاجئة والتي تقول بأن البشر لديهم عدد من الجينات أكثر قليلاً من الفئران!

ولكن في رأيي أن اللحظة الجديرة بالذكر في الأسابيع القليلة الماضية التي شهدت حالة من الدهشة بسبب الاكتشاف الجديد جاءت خلال مقابلة مع عالِم الكمبيوتر “جين مايرز” في مقر “سيليرا جينوم” في ولاية “مريلاند” الأمريكية، قبل بضعة أيام من تقديم خرائط الجينوم للجمهور.

وصلتُ إلى روك فيل مرهقاً بعد سفر ليلة كاملة معلول العينين بسبب انكبابي على الخرائط التي أخذتها في وقت مبكر. وفي المقابل، قدمت وعداً بإبقاء نتائج البحث سرية، في حين أجريت عدة مقابلات في عدة أيام مع صانعي الخرائط حول النتائج التي توصلوا إليها.

فك أسرار الخريطة الوراثية.. هل يحسم الغموض؟

كانت “سيليرا جينوم” في فورة من النشاط عندما وصلت، أطقم القنوات التلفزيونية تصور المقابلات، الهواتف تدق، ومايرز يضغط في الوقت.. عندها، انتزع وعاء سلطة من الكافتيريا الخاصة بالشركة وتمكن من التقاط بعض اللقم بين التسجيلات الصوتية. المتحدثة باسم سيليرا جينوم – هيذر كوالسكي – برزت داخل الغرفة حيث كان اجتماعي ب مايرز وأعطتنا قليلاً من الاهتمام في حين كانت منصبَّة على الهاتف الخاص بها حيث استقبلت الكثير من الرسائل والبريد الإلكتروني.

إنني أذكر كل ذلك، لأنني وأمثالي – عيوننا وآذاننا – تحسم الغموض الذي يواجهنا.

في هذه الحالة، أدرك جميع من رأى الخريطة الوراثية أن عجز جيناتنا أثار تساؤلات كبيرة: إذا كان لدينا نفس عدد الجينات كالثدييات التي لم تعبر البلاد قط، ما التفاعل الذي يمكن أن يحدث إذا في جزيئات غير حية يمكن أن يفسر ذواتنا المعقدة والفضولية؟

بطبيعة الحال، حتى الشخصيات العنيدة مثلي تجد صعوبة في التدخل وطرح مثل هذه القضايا على النفس أولاً، ولكنني ظللت أطرح الأسئلة ومايرز ينهي سَلَطته ببطئ، واستعدينا تدريجياً لكشف الغموض الذي يكتنف هذا الرمز الجيني الذي لا يصدق وكيف جاء إلى الوجود!

قال مايرز: “نحن معقدون ومستمتعون في نفس الوقت بخصوص مستوى الجزيئات”، مشيراً بشوكته. “نحن لم نفهم أنفسنا حتى الآن! وهذا رائع. لا يزال هناك عنصر سحري ميتافيزيقي غامض“.

كان مايرز الرجل الذي وضع خريطة “سيليرا” للجينات. لقد اختَرَقت آلات التسلسل في “سيليرا” 3 ملايين حرف كيميائي في سلسلة DNA في ملايين القطع، يحتوي كل منها على مئات الأحرف. أعاد برنامجه ترتيب القطع كما كانت، قبل أيامٍ فقط من لقاء سيليرا وقادة مشروع الجينوم البشري مع الرئيس الأمريكي السابق “كلينتون” في يونيو الماضي، ليقولوا إنهم يعرفون ترتيب الجينوم من أقصاه إلى أقصاه. وحَدثَنا عن ضغوط الموعد النهائي!!

الآن، بعد التخلص من هذا الضغط، أضفى الأستاذ السابق بجامعة أريزونا البعد الفلسفي على الرمز الجيني الذي اخترقه. وقال: “ما يدهشني حقاً هو بنية وهندسة الحياة، النظام معقد للغاية وكأنه تم تصميمه“.

لقد انتعشت أذناي!

________________________________________

المصدر الأصلي/ نُشر المقال بتاريخ 19/2/2001

http://m.sfgate.com/business/article/Human-Genome-Map-Has-Scientists-Talking-About-the-2950445.php

مواضيع ذات صلة