تعدد الديانات.. تشويش أم مساحة عريضة لإعمال العقل؟!

تعدد الديانات التي يمكن أن تُحدِث تشويش للباحث عن الحقيقة… لماذا لم يجعل الله الحق واضحا جليا؟

إجابة الاستشارة بقلم/ د. محمد داوود

تعدد الديانات**أنا لا أؤمن بأي شيء إطلاقا، كلما حاولت البحث فشلت… لقد اخترت الإلحاد والقناعة بالصدفة بعد فشلي في معرفة الدين الصحيح ولأن من الصعب تماما بل من المستحيل معرفة الحق وسط كل هذه الأديان.

إذا كان هناك إله حقا فلماذا لا نشعر بوجوده على الرغم من استمرار كثيرين في البحث عنه، ولماذا تعدد الديانات التي يمكن أن تُحدِث تشويش للباحث عن الحقيقة… لماذا لم يجعل الله الحق واضحا جليا؟

* ترفقي بنفسك بنيتي.. فكري طويلا في آثار نعم الخالق عليكِ بداية من نعمة إيجادك ولم يكن لك ذكر ولا وجود.. قال تعالى “هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا” (الإنسان:1).

فكري في طلاقة قدرة الخالق في ست عشرة آية من أول سورة النحل فيها تذكير للإنسان بطلاقة قدرة الخالق في الخلق وأنه خلق كل ذلك من أجلك أيها الإنسان، ثم بعد ذلك في الآية السابعة عشرة يوقظ الخالق عقل الإنسان الغافل..؛ ليذكره بحق الخالق عليه، قال تعالى: “أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُق أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” (النحل:17).

تعدد الديانات.. مساحة لإعمال العقل

عزيزتي… ليس هناك مشكلة في تعدد الأديان…

هل تعدد المدارس العلمية يصدك عن العلم، أم يشجعك؟!

حتى في الأنظمة البشرية.. يفضِّل العقل دوما الأنظمة متعددة الاختيارات ولا يميل بطبعه للأنظمة ذات الاتجاه الواحد.

الإله.. حق واضح.. نور.. دلائله كل المخلوقات.. يبقى أن تتعلمي وتفكري وتقرئي وتعقلي… إن كنت جادة… أما تكرار الأسئلة بدون بحث ثم إعلان الفشل المستمر، فليس من العقل ولا من العلم في شيء.

قبولك للصدفة علتك فيه: أنه ما من خيار.. يعني خيارات التنظيم والدقة المتناهية التي في نفسك وفي أعضائك.. قلبك.. عينيك.. كليتيك.. كبدك.. عقلك، وفي الكون كله حولك.. كل هذا لم يكن كافيا ولا مقنعا لك ولا صالحا على إثبات وجود إله، ومنطق الصدفة والعشوائية هو الصالح؟!!. اسمحي لي أن أصف تلك الحالة بأنها نوع من العبث، ومن اختار العبث واللامعقول هو حر تماما في اختياره… لكن عليه أن يتحمل نتيجة اختياره الخاطئ الذي ينتهي به إلى الشكوك والتيه والحيرة.

عزيزتي.. التشويش ليس عارضا خارجيا لكنه من داخلك أنت.. لأن اختلاف الرأي والفهم عند البشر موجود في كل مجال.. حتى في الإلحاد.. قضت حكمة البارئ أن يخلقنا على هذا الحال من التنوع لإظهار طلاقة القدرة، وهو الخالق والمحيي والمميت، يخلق ما يشاء وكيف شاء، تعرفي على الخالق من طلاقة قدرته في الخلق ومن نعمه ورأفته ورحمته بخلقه.

____________________________________

المصدر: د. محمد داوود، أسئلة الملحدين أمام العقل والعلم ج1، دار نهضة مصر،2015

مواضيع ذات صلة