صوت المرأة عورة.. إِشَاعةٌ كاذبةٌ!!!

وبخت فاطمة زعماء قريش عندما تضاحكوا لرؤية وغدٍ يضع فرثا على ظهر الرسول وهو ساجد، لقد سفهت أحلامهم ونحَّتْ القذى عن ظهر أبيها وهي تنال منهم، هل قال مسلم: إن صوت المرأة عورة ؟

د. محمد الغزالي

صوت المرأة عورة

هل على المرأة المسلمة ألا تتحدث في المجامع احتراما لشرع يحرم علوّ صوتها؟.. هل صوتها فعلا عورة؟!!

هذه قصة رقيقة نقتطف منها ما يتصل بإشاعة علمية كاذبة عن صوت المرأة والزعم بأنه عورة فقد ذكر ابن إسحاق أن “أبا العاص بن الربيع – وكان صهرا لرسول الله – أقام بمكة كافراً بعد أن منّ عليه النبي –صلى الله عليه وسلم – وأطلقه بغير فداء من بين أسرى بدر..

واستمرت زينب عند أبيها بالمدينة، حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص في تجارة لقريش إلى الشام فلما قفل عائداً بما معه لقيته إحدى السرايا، فاستولت على القافلة وفر أبو العاص تحت جنح الليل إلى بيت زوجته السابقة زينب محتمياً بها ومستجيرا، فأجارته..!

فلما خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لصلاة الصبح، وكبّر، وكبّر الناس وراءه! صاحت زينب من صفّة النساء فقالت: أيها الناس قد أجرت أبا العاص بن الربيع!.

فلما فرغ المسلمون من صلاتهم أقبل النبي – سلى الله عليه وسلم – عليهم قائلاً:” أيها الناس هل سمعتم الذي سمعت؟ قالوا نعم فقال رسول الله: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم! وإنه يجير على المسلمين أدناهمّ” ثم انصرف رسول الله فدخل على بنته زينب وقال لها: أي بنية أكرمي مثواه، ولا يخلصنّ إليك فإنك لا تحلّين له”!

ونهاية القصة معروفة في السيرة النبوية فقد أسلم الرجل، وعاد إلى قريش ليرد إليهم ودائعهم ثم تحوّل إلى المدينة ليجاهد مع المجاهدين..

والشاهد في القصة حديث زينب إلى الناس، هل قال مسلم: إنه عورة! وقبل ذلك توبيخ فاطمة لزعماء قريش عندما تضاحكوا لرؤية وغدٍ يضع فرثا على ظهر الرسول وهو ساجد، لقد سفهت أحلامهم ونحَّتْ القذى عن ظهر أبيها وهي تنال منهم، هل قال مسلم: إن صوتها عورة؟

صوت المرأة عورة.. من قال هذا؟!

وتعرّض موسى لابنتي الرجل الصالح في مدين قائلاً: “ما خطبكما ؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير” وبعد قليل جاءت إحداهما تقول لموسى “إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ” فهل قال مسلم: إن صوت المرأة عورة؟

وذكرنا من قبل أن أمراً إلهياً صدر بامتحان المهاجرات، وكان عمر يتولى ذلك الامتحان فهل قال أحد: إن صوت المرأة – حين تسأل فتجيب – عورة؟ اللهم إلا أن يزعم متقعِّر أن الامتحان كان تحريرياً لا شفوياً!!

كان النساء على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – يروين الأحاديث ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، فما زعم أحد أن صوت المرأة عورة.

العورة في أصوات النساء – وأصوات الرجال أيضاً – أن يكون الكلام مريباً مثيراً له رنين رديء!.

ولا يوجد بين رجال الفقه من قال: صوت المرأة عورة، إنها إشاعة كاذبة.

__________________________________

المصدر: كتاب/ قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة، د. محمد الغزالي، دار الشروق، القاهرة، الطبعة التاسعة.

مواضيع ذات صلة