حكمة خارقة.. و كون ينبض بالحياة (الجزء الأول)

كيف ندرك وجود الله في كون شاسع مترامي الأطراف.. كون ملئ بالخبايا التي لم تكتشف حتى اليوم.. كون يتسع ويتمدد طيلة الوقت معلنا أننا لسنا إلا جزءا ضئيلا من عناصر إبهاره.. كيف نصل بقلوبنا إلى الله.. ونستشعر عظمته…

كون

إنّ كل ما نراه ونشاهده في كون الله الفسيح هو آية من آيات الله العظيمة التي لا تحصى والتي تشهد على قدرته وعظمته.

إن النباتات والحيوانات والبحار والجبال والإنسان، وكل ما نشاهده في هذا العالم الصغير -سواء كان حيا أم غير حي– والذي لا نستطيع أن نراه، يمثل دلائل واضحة على حكمة خارقة جعلت هذه الأشياء تنبض بالحياة.

وكذلك فإنّ التوازن والنظام والخلق العظيم الموجود في العالم أجمع هو دليل أيضا على وجود خالق أحاط علمه بكل شيء وأحسن صنع كلّ شيء. وصاحب هذه الحكمة وهذه المعرفة هو الله سبحانه وتعالى.

إننا ندرك وجود الله عز وجل من خلال الأنظمة الكاملة التي خلقها والصفات الرائعة التي أودعها الكائنات الحية وغير الحية.

وقد ذكر هذا في القرآن الكريم: “الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِع البَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِع البَصَرَ كَرَّتَينِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهوَ حَسِيرٌ” (الملك:4-3) .

2- كيف نعرف الله؟

إنّ كل ما نراه ونشاهده في كون الله الفسيح هو آية من آيات الله العظيمة التي لا تحصى والتي تشهد على قدرته وعظمته. وقد جاء القرآن الكريم زاخرا بصفات الله عز وجلّ، والقرآن هو الكتاب الذي أرسل للناس ليرشدهم إلى طريق الهدى.

وقد نقل لنا القرآن جميع صفات الله العظيمة، مثل حكمته ومعرفته وعطفه ورحمته وعدله وسمعه واطلاعه على كل شيء، وبكونه المالك والإله الوحيد للسماوات والأرض وما بينهما “هُوَ الله الذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحِيمُ، هُوَ الله الذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبحَانَ الله عَمَّا يًشرِكُونَ، هُوَ الله الخَالِقُ البَارِئ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسمَاءُ الحُسنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَهوَ العَزيِزُ الحَكِيمُ” (الحشر:24-22).

3- ما الغاية من خلقنا في؟

يخبرنا الله عز وجل عن الغاية من خلقنا كما يلي: “وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ” (الذاريات:56).

كما هو مذكور في الآية، فالهدف من وجود الإنسان على وجه الأرض هو عبادة الله عز وجل وطلب مرضاته. وهو في اختبار مستمر مادام على هذه الأرض معمرا لها ومتأملا في كون الله العظيم.

4- لماذا نمتحن في كون الله؟

يختبر الله الناس في الحياة ليميز المؤمنين عن غيرهم ويميز الخبيث من الطيب، وليعرف أي من المؤمنين الأفضل في عبادته. ولهذا فإنه لا يكفي أن يقول المرء “أنا أؤمن بالله”، فحياة الإنسان يجب أن تكون لله عز وجل، وإيمانه وتضحيته ومواظبته على التمسك بدينه، تتعرض إلى امتحانات واختبارات، وإخلاصه في كونه عبدا لله لابد أن يمر بمحك الحياة ومحنها. وقد ذكر الله عز وجل هذه الحقيقة في الآية التالية :”الذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً وَهوَ العَزِيزُ الغَفُورُ” (الملك:2).

5- كيف نكون عبيدا لله؟

أن يكون الإنسان عبدا لله يعني أن يكرس حياته كاملة لمرضاة الله، وهذا يعني القيام بقدر المستطاع بالأعمال الصالحة لنيل مرضاة الله تعالى والبعد عن سخطه. ويعني كذلك أن تكون خشية الله ملازمة للعبد فتكون جميع أفكاره وكلماته وأعماله لهذا الهدف. وقد نبهنا الله إلى هذا في القرآن الكريم فالإنسان عبد لله وهذه العبودية تشمل جميع مناحي حياته: “قُل إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ العَالَمِينَ” (الأنعام:162) .


المصدر: بتصرف عن موقع معرفة الله

مواضيع ذات صلة