هذا خلق الله (الجزء الأول)

طيور تتغير ألوانها.. حيوانات تسلك أدهى مسالك التربص والتخفي.. حشرات تمارس صنوف التنكر والخداع.. تُرى من علمهم حتى أتقنوا كل ذلك بلا عقول  تخطط  أو تعي.. هذا خلق الله تعالى…[1]

د. هيثم طلعت

هذا خلق الله

هذا خلق الله .. جمال ورقة تخطف الأبصار.. سبحان الخالق المبدع

طيور القطب الشمالي عيونها محاطة بلون أسود كي يحميها من الإشعاعات المنعكسة من الثلج والتي قد تسبب العمى، ويتغير لون ريش الطائر القطبي تبعا لتغير الفصول وتغير المحيط حوله في تموه رائع وعجيب.

للفراش أعين على أجنحته  تجعله يبدو لبقية الطيور ككائن مخيف رغم جماله وبذلك يتقي شر الطيور المفترسة، والمدهش في الأمر أن بعض الفراشات تتخذ على أجنحتها شكل البومة بعينها وأنفها وأذنها، والبومة طائر مرعب ومفترس للحشرات التي تتغذى على الفراشات كاليعسوب فهي تأخذ على أجنحتها شكل عدوها في طريقة أكثر من مدهشة للتمويه، ولكن الغريب هو أن الفراشة لا تعرف أن البومة عدو عدوها ولا تقدر على رسم صورة البومة على جناحها: “هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (الحشر:24)

طائر الباتو الذي يعيش في فنزويلا ماهرٌ أيضا في عالم التمويه، وريشه يشبه تماما فروع الشجر ولن تعرفه إلا بعينه ومنقاره المميزين، وإذا اقترب عدوٌ منه فإنه يقلص منقاره ويغلق عينيه فيصبح كأنه فرع شجرة!

بعض الأسماك  تتغذى على الأصداف ولذا يجمع الأخطبوط  حوله الكثير من الأصداف حتى يغري الأسماك بالاقتراب منه لتكون وجبة شهية له.

بعض سرطانات البحر تقطع أجزاء من النبات وتغطي به ظهورها كوسيلة مكتسبة للتمويه، وبعها يفرز سائلا لاصقا لتتمكن من لصق أغصان النبات على  ظهورها في طريقة مدهشة للتمويه، وبعضها يخيط لنفسه درعا للتمويه من الإسفنج، إنه نفس تكتيك الجندي الذي يموه نفسه تماما بإلصاق أوراق الأشجار والأغصان بظهره.

بعض اليرقات ما أن تخرج من شرانقها حتى تتغطى بقطع صغيرة جدا من الصخر تمكنها بطريقة مدهشة من التخفي في بداية عمرها.

هذا خلق الله تعالى.. أصل الإبداع

في كتابه (ليلة الديناصورات الهادئة) يقول الألماني هولمر: “من الأصل في هذا الإبداع الذكي الذي أوقع الإنسان في حيرة؟ أثرُ من هذه القمة في الإبداع الذي أخذت به الدودة منذ ولادتها؟ علينا أن نقبل أن ذه الأساليب كلها لا يسلكها إلا إنسان ذكي جدا للمحافظة على حياته، فليس للدولة استطاعة تخطيط غاية منشودة، دون قدرة أخرى حاكمة لها”.

الطائر الذهبي الذي يعيش في باتاكونيا عند اقتراب الخطر من عشه فإنه يبتعد عن العش، ويمثل شكل الطائر الجريح المكسور الجناح الذي يسهل صيده، ويحاول أن يغري العدو بالاقتراب منه ليصرف نظره عن البيض في عشه، واذا ابتعد الخطر بما فيه الكفاية انتهى التمثيل وعاد إلى العش.

ولا زال الحديث عن عجائب مخلوقات الله طويلا وممتدا.. يتبع>>>

الهامش:

[1] – إضافة المحررة

_______________________________________________

المصدر: موسوعة الرد على الملحدين العرب، د. هيثم طلعت، دار الكاتب للنشر والتوزيع، ط1،2014، ص:81

مواضيع ذات صلة