المرأة العربية.. مقاتلةٌ في الصفوف الأولى!!!

حرضت تلك المرأة الشجاعة من معها من النساء في الأسر أن يهموا معها لقتال الحراسة المفروضة عليهن، فخلعوا أعمدة الخيمة التي كن بها، وقاتلوا جنود الحراسة من الروم حتى هزمنهم وعدن إلى معسكر المسلمين…

(مقتطف من المقال)

محمد حسين الشيخ

المرأة

بعد وفاة النبي وقعت ما عرفت بحروب الردة، وشاركت فيها نسيبة، وفي معركة اليمامة، إحدى أشرس حروب الردة، أصيبت نسيبة وتلقت 11 جرحاً، ظلت تقاوم آثارها لمدة عام، حتى توفيت.

يقف فهم البعض للتعاليم الدينية الإسلامية والعادات والتقاليد العربية وراء استهجان فكرة رؤية المرأة في ميدان القتال، إلا أن المتأمل في التاريخ الإسلامي، يجد أن المرأة كانت تقاتل كالرجال، تمتطي الجياد وتبارز بالسيف، وتطلق السهام، وعلى رأسهن صحابيات للنبي محمد. صلى الله عليه وسلم.

نماذج من المرأة العربية المقاتلة…

نسيبة بنت كعب

صحابية النبي نسيبة بنت كعب بن عمرو الأنصارية، الشهيرة بـ”أم عمارة”، لم تكن تحارب بالصدفة، بل تدل الغزوات التي شاركت فيها، أنها كانت مقاتلة محترفة، بجوار اشتراكها في مناسبات سياسية هامة، كبيعة العقبة الثانية، التي بايع فيها أهل يثرب (المدينة المنورة) النبي.

شاركت نسيبة في غزو أحد، وحين اشتد القتال وتعرض النبي نفسه للهجوم، كانت ضمن الذين يحرسونه ويدافعون عنه، ومعها زوجها وابنها، حتى تلقت 13 طعنة في جسدها، ودعا لها النبي أن تكون من رفاقه في الجنة.

ثم شاركت في غزوتي بني قريظة وخيبر، وبايعت النبي في بيعة الرضوان على الموت، ثأراً لعثمان بن عفان حين ظن المسلمون أنه قتل في مكة، كما شاركت في صلح الحديبية، بين المسلمين وأهل مكة.

في معركة حنين أمام قبيلة هوازن، وحين اشتد القتال انسحب المسلمون عقب كمين نصبته هوازن، صاحت نسيبة وهي تلوح بسيفها، لتستنهض همة المسلمين: “أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!”، فلما رآها الرجال وبجوارها النبي وعدد قليل من المقاتلين معه، عادوا إلى المعركة.

بعد وفاة النبي وقعت ما عرفت بحروب الردة، وشاركت فيها نسيبة، وفي معركة اليمامة، إحدى أشرس حروب الردة، أصيبت نسيبة وتلقت 11 جرحاً، ظلت تقاوم آثارها لمدة عام، حتى توفيت.

ما ذُكر عن نسيبة متواتر في العديد من المصادر، منها، ما جاء في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، وما نقلته أمينة عمر الخراط في كتابها الصحابية المجاهدة: أم عمارة نسيبة بنت كعب.

أم حكيم

أم حكيم بنت الحارث بن هشام، من صحابيات النبي محمد، وأسلمت وهي زوجة لعكرمة بن أبي جهل، رغم كفر زوجها، الذي أسلم بعد عداء شديد للنبي، وصار مقاتلاً في الجيش الإسلامي، حتى قتل في معركة اليرموك أمام الروم.

وكانت أم حكيم في ميدان المعركة وقتها تسقي الجنود وتداويهم كغيرها من النساء، فأقنعتها صديقاتها بقبول الزواج من خالد بن سعيد بن العاص، وفي يوم عرسهما، اشتد القتال فخرج خالد للحرب فقُتل، فلم تصبر أم حكيم على ذلك، فانتزعت عامود الخيمة التي شهدت عرسها على خالد وتجاوزت الصفوف الخلفية للمعركة والتحمت مع الجنود، حتى قتلت 7 من جند الروم، وانتهت المعركة بفوز المسلمين.

وبعدها أعجب عمر بن الخطاب، خليفة المسلمين وقتها، بشجاعتها، فطلبها للزواج فقبلت.. هذه التفاصيل وأكثر، نقلها محمد راجي كناس في كتابه أزواج الخلفاء عن الإصابة لابن حجر العسقلاني.

أم حِرام بنت ملحان

المرأة

مسجد أم حرام حيث موقع قبرها رضي الله عنها على ضفاف بحيرة الملح في لارنكا عاصمة قبرص.

كان النبي محمد يزور بيت صاحبه عبادة بن الصمت، في منطقة قباء، وفي وقت قيلولة اضجع وأخذ قسطاً من النوم، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت أم حرام: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: (ناس من أمتي عُرضوا علي غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج[1] هذا البحر مثل الملوك على الأسرة).

فلمعت عينا أم حرام وقالت بصوتٍ ضارع: ادعو الله يارسول الله أن يجعلني منهم، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ودعا لأم حرام أن تكون مع هؤلاء المجاهدين، ثم أغمض عينيه وغفا مرةً أخرى، استيقظ إثرها وهو يضحك، فرددت أم حرام: ما يضحكك يارسول الله؟

فأجابها: (ناس من أمتي عُرضوا علي غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر مثل الملوك على الأسرة وقد وجبت لهم مغفرة الله تعالى)، فهتفت أم حرام بضراعة: ادعو الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، فأجاب صلى الله عليه وسلم مبتسماً: (أنت منهم يا أم حرام، أنت منهم، أنت من الأولين)- بحسب ما أورده سيد مبارك في كتابه نساء خالدات في القرآن والسنة، نقلا عن صحيح البخاري.

ما تركت أم حرام غزوة بعد إسلامها إلا وحضرتها، وتحققت نبوءة النبي لها، حين خرجت في أول غزوة بحرية للمسلمين لفتح جزيرة قبرص، في عهد عثمان بن عفان، ولكنها صرعت أثناء عودة الجيش من هناك بعد تمام الغزوة، حيث وقعت من على دابتها وماتت، وقيل إن موضع موتها به مسجد باسمها إلى اليوم- بحسب سيد مبارك.

خولة بنت الأزور

في الشام وشمال شبه الجزيرة العربية دارت سلسلة معارك ضخمة بين العرب والروم، بدءاً من آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى عهد عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومنها معركة أجنادين، التي قاد خلالها خالد بن الوليد المسلمين، ضد الروم بقيادة هرقل، وكاد المسلمون أن ينهزموا، وأسر من صفوفهم الكثيرين، منهم ضرار بن الأزور، كما أسرت أخته خولة بنت الأزور وعدد من النساء.

خولة لم تستسلم، فحرضت تلك المرأة الشجاعة من معها من النساء في الأسر أن يهموا معها لقتال الحراسة المفروضة عليهن، فخلعوا أعمدة الخيمة التي كن بها، وقاتلوا جنود الحراسة من الروم حتى هزمنهم وعدن إلى معسكر المسلمين.

وبعد أنْ علمت أنّ أخاها وقع هو الآخر في الأسر، ركبت حصاناً ولثّمت وجهها وقاتلت بشراسة، حتى تعجب خالد بن الوليد نفسه من هذا الفارس الذي لا يهاب اختراق صفوف الأعداء ويقاتل بهذه الضراوة، حتى خرجت من المعركة ورمحها يقطر دماً.

وسألها خالد: من أنت؟ معتقداً أنها رجلٌ، والتف حولها الفرسان من الرجال، فلما علمن أنها خولة، وسرى خبرها بين الجنود، ازداد حماسهم وتقوت عزيمتهم، حتى انتصروا في المعركة.

ثم أمر خالد بن الوليد بتعقب جند الروم وتحرير ضرار، فاستأذنته خوله للذهاب معهم فرفض في البداية، لكنه وافق تحت ضغط إصرارها، وبالفعل تم تحرير ضرار عن طريق قوات يقودها رافع بن عميرة، التي كانت خولة إحدى فرسانها، بعد أن حاصروا أنطاكية ثم دخلوها.

قصة خولة وردت في عدة مصادر، وأفرد لها الكاتب والمفكر الإسلامي أحمد شوقي الفنجري، كتاباً بعنوان الصحابية الفارسة خولة بنت الازور: تأريخ حقيقي في قالب مسرحي.

الهامش:

[1] – ثبج كل شيء وسطه.. والمعنى يركبون ظهر البحر أو يتوسطون البحر

______________________________________

المصدر: بتصرف في النص والعنوان عن موقع

goo.gl/KGNDXb

مواضيع ذات صلة