ملحد أم مؤمن حائر؟!

 كمال سليم

استفهام

قد تتشابه أعراض الإلحاد الحقيقي مع أعراض الإلحاد الكاذب.. فهل من فروق تميزهما؟

يُقال إن للحمل الكاذب من الأعراض ما يشابه – بل يتطابق في بعض الأحيان– مع الحمل الحقيقي.. من غثيان وقيء وعدم رغبة في تناول الطعام… إلخ، لدرجة أن الأم نفسها تحسبه حملاً حقيقيًّا من فرط المماثلة في الأعراض..

أحسب أن هناك نوعا من الإلحاد الكاذب له من الأعراض الظاهرة ما يُشعر المحيط الخارجي للشخص بأنه مُلحد. هذه الأعراض تتمثل في الشك في كل الثوابت، الصراعات النفسية الشديدة، عدم القدرة على الاستقرار، الانفاعلات السريعة، رفض الواقع بأسره، كثرة التساؤل عما يُظن أن الإيمان به بديهي دون تساؤل كالقدر والقضاء… إلخ.

وبرغم أن الأعراض بين الإلحاد الكاذب والحقيقي متشابهة إلى درجة كبيرة، إلا أنه يُمكن التفريق بينهما لمن أراد، وكذلك شتان بين مآلات كليهما.

فالفرق بينهما يظهر في شخص المُلحد. إن رأيته يعاني بحق ويحاول البحث عن الحقيقة بجدية.. يتألم ويبكي كثيرًا، يدعو الله أن يبصره نور الحق، يسأل سؤال من يريد أن يعلم لا من يريد الاستعلاء والجدال بلا هدف، فاعلم أن ما فيه ليس إلحادًا حقيقيًّا.

والفارق بينه وبين الإلحاد الحقيقي كالفارق بين الإيمان والكُفر: فالإلحاد الكاذب يؤدي إلى يقين في معظم الحالات، بينما الآخر يذهب بصاحبه إلى ظلمات الدنيا والآخرة.

التدين الاجتماعي

وأحسب أن ظاهرة الإلحاد الكاذب ظاهرة صحية خاصة في مُجتمعات انتشر فيها ما أسميه بظاهرة التدين الاجتماعي، وهي عبارة عن كثير من الأعراف والتقاليد – التي قد تتفق مع دين الله الحق في بعض الأشياء وتختلف عنه في جوهره- مغلفة بغلاف من الدين.

وفي هذه الحياة التي لا يُمارس فيها دين الله بشكل أقرب إلي منبعه الأول، ترى الإنسان الذي تظهر عليه ملامح الإلحاد الكاذب ثائرًا على ما يدين به المُجتمع؛ ولذلك يتوهم الكثيرون أنه على وشك الإلحاد الحقيقي والكفر، والحقيقة أنه فعلاً على وشك الإلحاد من التبعية والتقليد إلى نور اليقين والحق.

وهذا ما عبر عنه الإمام أبو حامد الغزالي في قوله: “من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر يبقى في العمى والضلال”.

ولهذا وجب التنويه إلى أن من يعاني من أعراض الإلحاد ليس ذاهبًا نحو الهاوية، بل قد ضاق ذرعًا من جور دين المجتمع، وتاقت نفسه إلى عدل الإسلام الحق.

_________________________________

المصدر: بتصرف يسير عن موقع ساسة بوست

http://www.sasapost.com/opinion/false-atheism/

مواضيع ذات صلة