يقول بعض الملحدين وأصحاب الشبهات: إذا سلمنا أن للكون إلاها واعترفنا بوجود الخالق.. فما العائد الذي سنحققه من التوحيد وإفراد هذا الخالق بالعبادة؟
ما فائدة التوحيد للمسلمين؟ ألا يكفي الاعتراف بأن للكون خالقا فقط؟
الجواب/ كيف يعترف الإنسان بأن له خالقا ثم لا يعبده؟ إن توحيد الألوهية يريح البشرية، فالذي له أرباب متفرقون كالعامل الذي له مجموعة من الرؤساء، أو الجندي الذي يخدم مجموعة من الضباط، كل له أوامره التي تختلف عن الآخر، فتراه حائرا بينهم لا يدري من يُرضي؟ فلانا أم فلانا أم فلانا؟
فالأوامر متعددة، والنواهي متخبطة، أما الموحد فقلبه مطمئن، وعقله مستريح، وفكره غير مشتت، ونفسيته غير مضطربة، لأن الخالق واحد، والرزاق واحد، ومدبر الأمر واحد، والمشرع واحد، والآمر واحد، والناهي واحد… إلخ.
قال تعالى: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” (الزمر:29)، وقال تعالى: “… يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ” (يوسف: 39).
فالخير كل الخير في توحيد الله، والشر كل الشر في الشرك بالله، أما الخير الدنيوي للتوحيد فكثير، فهو يجمع شمل المسلمين على كتاب واحد ورسول واحد صلى الله عليه وسلم وقبلة واحدة.. إلخ.
وإذا حققوه في أنفسهم وأهليهم وكل معاملاتهم ففيه عزتهم وكرامتهم ونصرهم، أما الخير الأخروي فهو نجاتنا من النار ودخولنا الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معاذ! هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا) صحيح البخاري.
أصل الدين.. التوحيد
إن الدين أصله التوحيد، ومن هذا التوحيد تنبثق الشريعة، وهي ما شرعه الله من التحليل والتحريم والأوامر والنواهي، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر… إلخ، ويترتب على هذه الشريعة نظام يشمل جميع نواحي الحياة، وكي تظهر هذه الشريعة فلابد لها من تطبيق في حياة الناس، ولا بد لها من رجال يذودون عن حياضها، أم أن الدين سينتصر بغير رجال؟ ولو أن ديننا عبارة عن كهنوت فقط (أي عبادة) لعاوننا أشد أعدائنا على عبادة ربنا، وربما بنوا لنا المساجد ودور العبادة على أفخم طراز وأبهاه، ولكنهم يحاربوننا لأنهم يعلمون أن ديننا يشمل جميع نواحي الحياة، وأخطر ما في ذك عليهم هو الحكم بما أنزل الله، فإن ذلك سيعطل مصالحهم السياسية والاقتصادية والفكرية..
إن الدين صرح شامخ لابد له من نظام، ومن رجال أشداء يحمون هذا النظام، فهل هناك مبنى عملاق ليس له نظام؟ أو ليس له بواب أو حارس؟ وهذا النظام يشمل “بالإضافة لما سبق”: غض البصر، صدق الحديث، حسن الجوار، عدم التطفيف في الكيل والميزان، بر الوالدين، صلة الأرحام، الوفاء بالعهود، عدم شهادة الزور.. إلخ.
____________________________________________
مصدر رد الشبهة: كتاب/ ردود علماء المسلمين على شبهات الملحدين والمستشرقين، للشيخ/ محمد ياسين