الجهر بالإلحاد .. الفعل واحد والأسباب تتعدد

“أصبح الجهر بالإلحاد والإفصاح عنه بين الشباب على العديد من صفحات التواصل الاجتماعي عبر منشورات مطولة أو تغريدات مقتضبة أمرا غير مستغرب، بعد أن تزايدت أعداد الملحدين في السنوات الأخيرة بشكل واضح وملفت.. ورغم أن الأمر أصبح لا يشكل مفاجأة للكثيرين من متابعي تلك الصفحات إلا أن البحث عن أسباب تحول هؤلاء عن دياناتهم، وأسباب الإفصاح وإشهار ذلك التحول لا يتوقف.. لتخرج النتائج بأسباب مختلفة، يرجعها كل باحث لعوامل نفسية أو اجتماعية أو حتى سياسية!.. لكننا في النهاية لا نملك إلا الاعتراف بأن مجتمعاتنا العربية في مواجهة أزمة حقيقية يحاول كل طرف تحليل مدلولاتها من وجهة نظره وبما امتلك من معطيات…”[1]

عبدالكريم دوخي الشمري

أصبح الجهر بالإلحاد بين الشباب على العديد من صفحات التواصل الاجتماعي أمرا غير مستغرب، بعد أن تزايدت أعداد الملحدين في السنوات الأخيرة بشكل واضح وملفت.

حب الظهور والعلو في الأرض غريزة نفسية لا يكاد ينجو منها أحد، ولذلك كان من يخالف هوى هذه الغريزة موعوداً بالخير في الدار الآخرة في قوله تعالى: “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” (القصص:28)؛ لأنه بذل جهدا مضاعفًا أقل كلفة مما يبذله من ينساق خلفها.

فحب الظهور إذا تسلّط على الإنسان، وكان الإنسان غير متمكّن من أدواته الإيجابية وغير حاوٍ للصفات التي تجعله يزاحم الأخيار.. لا يتورّع ولا يخجل من ارتكاب كل ما يجعله حديث الساعة ويمكّنه من الظهور، حتى لو كان حديثًا بشعا أُتْبع فيه اسمه باللعنات وسؤال الله العافية من حاله!

الجهر بالإلحاد بين حب الشهرة وإماتة الضمير!

الكلام أعلاه ينطبق على من ركبوا موضة الجهر بالإلحاد بعد وقوعهم بين براثنه، عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالناظر في حالهم يجد أنهم بين شخصين: إمّا شخص مهووس بالشهرة ولا يستطيع مزاحمة الأخيار والاشتهار بالصفات الإيجابية لافتقاره الى أبسط مقومات (الرجل الكريم النبيل)، فلم يجد سبيلاً أسهل وأقل تكلفة من الجهر بالكفر والإلحاد في مجتمع (يغار على دينه)، وحاله كحال من يتعرّى بين المحتشمين، بعد أن عجز عن مجاراتهم في الحشمة. سيجد من يلتف إليه ويتحدث عنه، ولكن لن يجد بينهم من يثني عليه خيرًا..!

فلم تكن الأدلة قاصرة يومًا ما عن التدليل على وجود البارئ جل وعلا حتى يُصدق هؤلاء، لذلك تجلت الحقيقة التي لا يستطيع إنكارها أحد، وهي أنه لم يَصدُق ملحد قط في إلحاده، وإنما هي المكابرة وحب الظهور اللذان دفعاه إلى هذا الانحراف.

أمّا الثاني فشخص كان متديّنا سابقًا، وبعد أن ضعف إيمانه ونكص على عقبيه تطرّف في تصنّعه لكره الدين، ليس عن قناعة، ولكن لعلمه بأن المجتمع ما زال ينظر إلى من كان متديّنًا ونكص نظرة ازدراء، فيحاول بهذا التطرّف إيقاف سياط ضميره وإماتته والتظاهر بالصلابة أمام نظرات الازدراء التي تطارده.

الهامش:

[1] – إضافة المحررة

______________________________

المصدر: بتصرف يسير عن جريدة القبس الكويتية، نُشر بتاريخ: 2015/11/20