عزيزي المتسائل أو المتشكك أو الناظر لفريضة الحج ومناسكها بشيء من الريبة أو عدم الفهم والإدراك لطبيعة تلك الشعيرة: تطرح الأسئلة نفسها على الإنسان أمام العبادات التى افترضها الله على عباده: لماذا الصلاة؟ و لماذا الزكاة؟ و لماذا الحج ؟.. بل ما جدوى العبادة في معناها المجمل؟؟؟
تأتى آيات القرآن الكريم لتبين لنا فى وضوح تام المقاصد الشرعية من وراء كل عبادة على حدة، ومن ذلك قول الله تعالى في الحكمة من تشريع الصلاة: “… وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَر وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” (العنكبوت:45).
وفي تشريع الصيام: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:183).
لماذا الحج ؟.. ما الحكمة من التشريع؟
أما الحج ففيه قول الله تبارك وتعالى:”ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج:32)، “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ” (البقرة:197)، “فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ” (البقرة:200).
ولقد جاءت سورة الحج فى مقاصدها العامة لإتمام تكوين العبد تكوينًا إيمانيًّا يؤهِّله لإقامة منهج الله تعالى؛ حيث جاء نصف السورة الأول بيانًا لأحكام المناسك، وجاءت السورة في نصفها الثانى تهيئة للقلب وإصلاحًا للسلوك البشرى في رحاب الإيمان، وإعدادًا للمسلم للقيام بمهمته في الحياة؛ لإقامة دين الله تعالى، كما تأتى عبادة الحج لتخلِّص الإنسان من الأوزار والخطايا؛ ليرجع الإنسان كيوم ولدته أمه.. الله حكيم.. وتشريع الحكيم كله حكمة.. قال تعالى: “أَفَحَسِبْتُم أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ” (المؤمنون: ١١5).
_____________________________
المصدر: بتصرف كبير عن موقع بيان الإسلام