يقول لورانس براون: (في الواقع كما تعلم، هذا يعد موضوعاً ممتعاً بالنسبة لي، لأن معظم الناس افترضوا أنني كنت نصرانياً قبل أن أصبح مسلماً، وعلي أن أصححهم، وعلي أن أقول لهم لا، لقد بذلت قصارى جهدي كي أكون نصرانياً، وحاولت لعدة سنوات أن أكون نصرانياً، وبطرق كثيرة متعددة وكل هذا لم يصلح معي أبداً، وأتلقى كثيراً من نظرات الاستغراب عندما أقول ذلك، ولكن خلاصة القول أن الذي حدث كان كالآتي:
لورانس براون: مرض ابنتي افقدني السيطرة!
لقد بدأت في البحث الديني، قبل حوالي 19 سنة ماضية، كان عندي بنت وُلدت بما يُسمى بضيق الأورطي، وهي مشكلة قاتلة، بمعنى أن الطفل الذي يولد بهذه الحالة في أغلب الأحيان يموت.
وعادة يموتون تحديداً بطريقة سيئة، وهذا يعني أنه يجب القيام بجراحة القلب المفتوح لهم، وبعد سنوات قليلة يُعيدون جراحة القلب المفتوح، وبعد سنوات قليلة يعيدونها، ومع نمو الطفل يجب توسعة الجزء المزروع في الأورطي، وفي النهاية هؤلاء الأطفال يموتون.
لذلك عندما علمت بخبر حالتها، كانت تلك هي المرة الأولى في حياتي التي شعرت فيها بفقدان السيطرة، ولم أستطع فعل أي شيء حول هذا الوضع، سابقاً في كل مرة في حياتي عندما كنت أواجه مشكلة، كنت أتعامل معها بمفردي، فلو احتجت مثلاً مزيداً من المال، فسأشتغل أكثر، إذا كان هناك أمر يحتاج إلى إصلاح، سأبحث عن شخص ما لإصلاحه أو أصلحته بنفسي.. و هكذا
كل شخص يعلم عن ماذا أتكلم، عندما وُلدت هذه الطفلة كان اسمها (هانا) ذهبت مباشرة إلى وحدة العناية المركزة، كان جسدها من جهة الصدر إلى أسفل أقرب إلى الون الأزرق الغامق المعدني، لأن جسدها لم يحصل على الأكسجين، كان جسدها حرفيّاً يموت حرماناً من الأكسجين أمام أعيننا.
وعندما رأيت ذلك، وكما قلت من قبل: كانت هذه المرة الأولى في حياتي التي شعرت فيها بالحاجة للرجوع إلى قوة أكبر، كنت ملحداً حتى ذلك الحين، فلقد نشأت في عائلة كانت في الأساس تتبع واحدة من الطوائف البروتستانية، ولكن لم أكن ممارساً لها، وعن نفسي لم أنتهج أي ديانة أبداً.
لذلك كان علي ترك وحدة العناية المركزة، لأنهم أحضروا فريقاً من الأطباء، وفريقاً من المتخصصين في هذا المجال، وأثناء قيامهم بأعمالهم، أنا فقط ذهبت إلى غرفة الصلاة، ولأول مرة في حياتي حقيقة أنا صليت، صليت صلاة الملحدين التقليدية، فهناك صلاة تدعى صلاة المتشكك، صلاة المتشكك تمضي هكذا: «يا إلهي» إذا كان هنالك إله! «احفظ روحي» لو كان عندي روح! هذه هي صلاة المتشكك، ومعظم الملحدين عندما يُصلّون، يُصلّون بهذه الطريقة، يقولون: إلهي إن كنت موجوداً-كما تعرف لأنهم غير متأكدين- وببساطة هذا هو الذي دعوته، فقط قلت: (يا إلهي لو أنت موجود، أنا لا أعلم هل أنت هناك أم لا، ولكن لو أنت هناك… فأنا أحتاج إلى المساعدة).
وأخذت عهداً لخالقي في ذلك اليوم، أخذت عهداً لو أنه أنقذ حياة ابنتي، أن يهديني للدين الأكثر إرضاءً له، والذي سوف أتبعه، وكان هذا هو الوعد ببساطة، وكنت تقريباً مبتعداً لمدة 15 أو 20 دقيقة، ولكن عندما عدت إلى وحدة العناية المركزة، كانت ابنتي على الجانب الآخر، من وحدة العناية، نظرت خلال الغرفة، الأطباء رفعوا وجوههم من على ابنتي، واستطعت على الفور أن أرى شيئاً قد تغير، وجوههم كانت غير معبرة، كأنهم حقيقة لم يفهموا ماذا يحدث، ربما مصدومون قليلاً، عندما ذهبت إليهم قالوا لي ببساطة: إنها ستكون بخير، وإنها لن تموت!!
و بالفعل وبكل تأكيد عادت لكونها طفلة طبيعية تماماً بكل معاني الكلمة، أقصد وكما تعلم: سلوك طبيعي، لكن بصحة كاملة!! لم يُجرَ لها جراحة، ولم تحْتج إلى دواء، فقط انقلب حالها تماماً، والأمر كما يلي: كان لدينا فيلمٌ بالموجات فوق الصوتية لقلبها قبل ذلك، وكان لدينا فيلمٌ بالموجات الصوتية لقلبها بعد ذلك، ومن قبل كان عندها المشكلة التي أخبرتكم عنها، وبعد ذلك المشاكل ذهبت بالكامل: صار كحجر اللؤلؤ!! هادئاً وطبيعياً.
والأطباء.. أتذكر أن الأطباء ذهبوا إلى نوع من التفسير محاولين تقديم تفسير منطقيٍّ لي، ومحاولين تقديم تفسيرٍ منطقيٍّ لأنفسهم، أشعر أنهم أقنعوا أنفسهم بهذا التفسير، ولكني أتذكر وقوفي هناك ناظراً إليهم، وفقط مفكراً..
وأنا أعرف أن هذا التفسير يصلح لكم ولكنه لا يصلح لي، أقصد أنا دعوت هذا الدعاء، ويجب علي فقط أن أؤمن أن هذه كانت يد خالقي، أنا أعرف أنه قد أجاد الوفاء بوعده، وكان علي أن أجيد الوفاء بوعدي.
وهذا دفعني للبدء في البحث الديني، وكنت.. ظننت أني سأجد الحق في النصرانية، بدأت أولاً بدراسة اليهودية، وهذا قادني لدراسة النصرانية، ظننت أني سأجد الحق هناك، لسنوات وسنوات، حاولت أن أقنع نفسي، حاولت أن أصبح نصرانياً، أعني أني ذهبت لكنيسة اليوم السابع، والمعمدانية الجنوبية، والكاثوليكية الرومانية، والأرثوذوكسية اليونانية، لا أعرف تحديداً كم عدد الطوائف المختلفة، كم عدد الكنائس التي ذهبت إليها، محاولاً أن أجد حقيقة النصرانية.
وظللت دائماً أخرج بنفس النتيجة، ظللت دائماً معجباً ببعض الأجزاء منها، بينما كان لدي مشاكل مع جوانب أخرى، وعندما كان الأمر يأتي إلى أمور العقيدة، كنت أتحدث إلى القس، كنت أقول: ماذا عن هذه؟ ولكنهم لم يتمكنوا من شرحها، وماذا عن تلك. ولكنهم لم يتمكنوا من شرحها أيضا، وماذا عن هذه؟ كانوا يكتفون بهز أكتافهم وكنت أكتفي بالقول: حسناً.. شكراً على أية حال، ثم أنتقل إلى الطائفة التي بعدها، لم توجد إجابة إلى أن وجدت الإسلام: هو وقت دخول الطمأنينة قلبي.
و أدركت أنه هنا، كل جوانب اللغز قد تمت الإجابة عنها كلها… إنه الإسلام..
______________________________________
المصدر: بتصرف كبير عن كتاب/ العائدون إلى الفطرة، مركز دلائل، الطبعة الأولى، 2016