من إنسان النياندرتال إلى رَجُل بلتداون.. أساطير التطور تنكشف!

إعداد/ فريق التحرير

بلتداون

مع اجتماع رأس يشبه رأس إنسان بفك يشبه فك قرد، أعتقد الكثير من العلماء أن هذه هي الحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد!

بعد نشر تشارلز داروين لكتاب (أصل الأنواع) عام 1859، سارع العلماء للعثور على الأحافير لأسلاف الإنسان المنقرض، سعيا وراء الحصول على ما يسمى ب (الحلقات المفقودة) لمليء الفجوات على الجدول الزمني لتطور الإنسان.. ويعد اكتشاف رفات رجل الكهف بمثابة العثور على الذهب بالنسبة إلى الباحثين عن الحفريات. لا بد أن تشارلز دوسان قد شعر بفرحة غامرة عندما عثر على إنسان بلتداون داخل حفرة في بلتداون Piltdown بإنجلترا. ومع اجتماع رأس يشبه رأس إنسان بفك يشبه فك قرد، أعتقد الكثير من العلماء أن هذه هي الحلقة المفقودة بين الإنسان والقرد. وظل إنسان بلتداون معروضا في لندن لمدة أربعين عاما.

وما أدراك ما إنسان بلتداون الذي ظلت جمجمته متربعة تلك المدة بفخامة في المتحف البريطاني.. إنه الحلقة المفقودة ..!!

والحلقة المفقودة هي جمجمة نصفها الأعلى (القحف) لإنسان ونصفها الأسفل فك لقرد من فصيلة (أورانجتون) عليه أسنان بشرية مبقعة، زعم الطبيب تشارلز داوسون أنه عثر عليها بعد تنقيب مجهد في قرية بلتداون البريطانية !!

طار عقل علماء التطور بالاكتشاف المذهل المسمى إنسان بلتداون وأعلنوا للعالم كله أنهم عثروا على الحلقة المفقودة التي تربط بين الإنسان والقرد وتثبت أنَّ جد الإنسان كان حيواناً!!!

وراح علماء التطور يدبجون المقالات، ويؤلفون الكتب والرسائل عن العثور على الدليل الأكيد على أن الإنسان كان قرداً!! ومع أن مكان اتصال الفك مع القحف كان مكسورًا، أي لا يدري أحد عمَّا إذا كان هذا الفك يعود بالفعل لهذه الجمجمة أم لا، إلا أن علماءَ التطور أصروا على كونه يعود إليها دون أن يكلفوا أنفسهم أي عناء يُذكر للتأكد من الجمجمة!!.

ولما اعترض عالم التشريح الألماني الشهير فرانز ويدنريج بقوله: واضح أنَّ هذه الجمجمة تركيب اصطناعي ودمج قام به البشر بين عظام الإنسان والقرد!!

ثارت عليه ثائرة العالم البريطاني آرثر كيت وأنَّبهُ قائلاً: إن عملك هذا ليس إلا طريقة للتخلص من الحقائق لأنها لا تتماشى مع نظرياتك المسبقة!! حتى العالم الأمريكي الشهير هنري أزبورن تشكك في البداية واعتبر الجمجمة غير حقيقية ثم عاد وبدَّلَ رأيه أمام عاصفة هائلة من أقوال علماء التطور.

وبدأت الدراسات العلمية تتزايد حول هذه الجمجمة وحول علاماتها المميزة وسماتها الفريدة، وأخذ علماء التطور على اختلاف اختصاصاتهم يبنون على الكذب والدجل والسراب صُروحاً علمية)!! ودُبجت آلاف المقالات وصنفت عشرات الكتب وأعدت رسائل الدكتوراه التي تتحدث عن التطور على أنه الحقيقة الأكيدة، حقاً إنه المضحك المبكي !

الفحوص التي كشفت الكذبة (العلمية) الكبرى:

استمرت هذه المهزلة حتى عام 1949م عندما قام “كنيث أوكلي” من قسم السلالات البشرية في المتحف البريطاني بإجراء تجربة الفلور على هذه الجمجمة لمعرفة عمرها وكانت النتيجة أنها ليست قديمة كما كان يُعتقد!

ثم قام الشخص نفسه مع “سير ولفود لي كروس كلارك” من جامعة أكسفورد مع ” ج. س. وينر” في عام 1953م بإجراء تجارب أكثر دقة، واستعملوا فيها أشعة أكس وتجربة النتروجين وهي تجربة تعطي نتائج أكثر دقة من تجربة الفلور. وتبين في نتيجة هذه التجارب أن العظام جديدة تمامًا، وتعود للعصر الحالي!!

وعندما وضعوا العظام في محلول حامض اختفت البقع الموجودة عليها، واتضح أن هذه البقع لم تكن نتيجة لبقائها مدة طويلة في التراب، بل أحدثت اصطناعيًّا للإيهام بأنها قديمة !!! وعندما فحصوا الفك والأسنان بالمجهر رأوا أن هذه الأسنان أسنان إنسانية غرست في الفك اصطناعيًّا وبُردت بالمبرد للإيهام بأنها قديمة !!

تلقى علماءُ التطور صفعة قوية أيقظتهم من أحلامهم وذلك عام1953م عندما أعلنت النتائج العلمية الحقيقية للعالم بشكل رسمي: إن إنسان بلتداون ليس إلا قضية تزوير وخداع تمت بمهارة فالجمجمة تعود إلى إنسان معاصر!!

أما عظام الفك فهي لقرد أورانجتون بعمر عشر سنوات. والأسنان هي أسنان إنسان غُرست بشكل اصطناعي ورُكبت على الفك.

وظهر كذلك أن العظام عوملت بمحلول ديكرومات البوتاسيوم لإحداث آثار بقع للتمويه وإعطاء شكل تاريخي قديم لها!. وانفجر هذا الخبر قنبلةً مدوية ولا سيما في الأوساط العلمية!!

وكان السؤال المحير هو: كيف عجز كل هؤلاء العلماء العظماء عن اكتشاف هذا التزوير، وكيف استطاع شخص واحد خداع كل هؤلاء العلماء مدة أربعين عاماً!! وكيف لم يلاحظ كبار أطباء الأسنان الذين فحصوا أسنان هذه الجمجمة اكتشاف آثار البرد الواضحة والغرس الصناعي للأسنان في الفك؟!!

وحتى يومنا هذا لا أحد يعلم من وراء عملية التزييف، لكن تم تداول أسماء بعض المشتبه فيهم ومن بينهم دوسان الذي توفي عام 1916. وتعد هذه الخدعة من أكثر عمليات الخداع العلمي ضررًا، حيث مهدت آنذاك لنظرية حول التطور، وقضى العلماء سنوات كثيرة في محاولة إدراج سلف للإنسان مستحيل الوجود في سجل الحفريات.


المراجع:

مواضيع ذات صلة