الخدعة الأخيرة: ودع رمضان واستقبل العيد
**الخدعة: طوال رمضان يتحفنا الشيوخ والدعاة بالحديث عن التقوى والزهد والتقشف تقربا لله، وتمتلئ المساجد وتُختم المصاحف آلاف المرات، وتعلوا مكبرات الصوت بأدعية الأئمة وتأمين المصلين.. وما أن ينقضي الشهر ويحل عيد الفطر حتى تنقضي العبادة معه بلا مقدمات، بل ويغرق الناس من جديد في ملذاتهم وصخب عيشهم.. وكأن العبادة كانت لشهر رمضان الماضي.. لا لرب رمضان الباقي.. هل دين المناسبات هذا هو الدين الذي تدعونني إلى العودة إليه؟!
التوضيح: إذا اقترب الشهر الكريم من نهايته.. فاسأل نفسك: “هل صامت جوارح العابدين في الشهر عن معصية الله تعالى.. هل صامت العين بغضها عن الحرام، واللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، والأذن عن الإصغاء لما نهى الله عنه، هل صام البطن عن تناول الحرام، واليد عن إيذاء الناس، والرجل عن المشي إلى الفساد في الأرض؟
يقول النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديثه المعجز: “الصوم جُنة”.. والجنة: الوقاية، أي أن الصوم وقاية من كل شر ومفسدة.
إنه رمضان الخير الذي يُرجع الروح إلى منبعها الأزلي؛ فتبرأ من أدران الحياة، وتتخلص من مباذل الدنيا، وتتجه إلى خالق الكون داعية مبتهلة، إنه الضيف الكريم الذي يعاود كل عام حاملا سننا علوية لنظام الدنيا”[1].
هذا هو الدين الذي ندعوك إلى العودة إليه.. وهذه هي نفحات شهر الخير، والمقصد من الصوم والتعبد فيه.. فاز من وعاها وعمل بها، وخرج من الشهر طاهرا من ذنوبه.. يرى الدنيا بمنظور مختلف، وخسر من خرج بنفس عاداته لم يناله من الشهر إلا الجوع والعطش.
الهامش:
[1] – وداعا يا رمضان، رمضان بين يديك، مجموعة من العلماء، دار العلوم، الكويت، ط1، 2006، ص: 277.