ثورة الشك هاجمتني وكبلت فكري…
سأبدأ قصتي حينما كنت تحت ظل الإسلام.. كانت تراودني أسئلة تحير العقل، أين الله الذي قرأت عنه في القرآن؟ هل هو إله كبير جداً؟ هل يشبهنا؟ وأين يسكن ولمَ لا يظهر؟ ولماذا لا يساعد الفقراء؟..
وهل هناك فعلاً حياة أبدية؟ وأين الملائكة؟ ولم كل هذه الأشياء تسكن خيالنا ولا وجود لها في أرض الواقع ولا دليل ملموس عليها؟
وكلما وجهت أسئلتي لأي أحد قال لي: استغفري ربك وتوبي إليه هذا حرام.. ازدادت تساؤلاتي يوماً بعد يوم وكبرت الفجوة بيني وبين الدين وتشبث عقلي بفكرة عدم الإيمان باللاموجود، واتجهت إلى الإلحاد وجدته ملاذي الوحيد حيث لا يوجد حرام ولا ممنوع كل الأسئلة المستعصية لم يجب عنها لكنه اتفق مع عقلي إلى حد بعيد.. أن الدين وهم، والحياة مادة والميتافيزيقا ليست حقيقة..
وبعد 11 شهراً من الإلحاد والعيش بحرية تامة مطلقة حتى الثمالة، واستسلام كلي للعقل انتقلت إلى فترة الشك مرة أخرى، أصبحت أشعر أن هناك شيئاً داخلي يرفض كل ما فعلت وصارت الأسئلة تتكرر فبدأت أقرأ وأبحث في كل الأمور التي استسلم لها عقلي وانصاع إليها.
نعم أعترف أنني جعلت الإلحاد ديناً.. جعلته يُسيَّرني في كل خطوة أخطوها.. كل تفكيري صار ينصب حول الصدفة، هل نحن صدفة؟ وهل وجودنا فعلاً وجود عبثيّ؟ لو كان الأمر كذلك فقد جربت فعلا هذه الحياة وصرت عبثية معها.. فلما لم ينصاع عقلي لهذه العبثية والعشوائية؟ ولما لا زال يريد البحث والتفكر؟!
تساؤلات أخرى وشكوك كثيرة ملأت عقلي ومنها الانفجار العظيم.. أي انفجار هذا الذي يجعل من الكون غاية في التنظيم؟ الانفجار لا يولد إلا الدمار والخراب وهو تجريبيّاً كاذب، وماذا عن نظرية التطور البائسة، معظم التطوريون انشقوا عنها وهي لا تخضع للعلم وإنما لسياسات وأيديولوجيات معينة.
ثورة الشك..
لا بد من وجود خالق صمم هذا الكون المنظم وصممنا بإتقان، فقرأت في الفلسفة الوجودية وصرت أتأمل كثيراً كل شيء وأعيش ثورة الشك بكل حذافيرها، صرت أؤمن بأن هناك صانعاً لهذا الزمكان وكل ما فيه.. وصلت إلى مرحلة اللادينية… درست كل الأديان بدأت بالمسيحية ثم اليهودية وبعدها البوذية..
لم أجد شيئاً يقنعني، لم أضع القرآن في الحسبان إلا أنه كان آخر بحث لي: الإعجازات، حقوق المرأة، هل هو فعلاً كلام الله أم أن مؤلفه بشر؟
فبحثت بعين الحياد عن حقوق المرأة في القرآن: المرأة عورة فعلاً بدون الإسلام ودون حصانة وحماية من كل الأصوليين هي لا شيء
ستشاركك أخريات زوجك: ذاك من فضل ربي أرغب أن أكون رقم أربعة على ألا أساوي أي رقم في حياة أحدهم وبعدها يرميني وينتهي بي المطاف وحيدة في دار العجزة.
المرأة ليست ناقصة عقل ودين: المرأة عاطفتها قوية وفي الأغلب تؤثر على قراراتها.. من رحمة الله بعباده ومنهم المرأة خفف عليها العبادة في أوقات الحركة التي تضرها..
حديث المرأة والكلب: المرأة قد تفتن الرجل إذا مرت من أمامه وهذا شيء طبيعي كما أن الرجل إذا مر أمام المرأة قد يفتنها ويقطع صلاتها.
المرأة والإرث: المرأة في بعض الحالات ترث أكثر من الرجل مع أنها ليست مكلفة بأي نفقة.
هذا بخصوص المرأة أما بخصوص العقل فالعقل ليس مادة وهو نسبي شأنه شأن الحقيقة والعلم.. إضافة أنه ليس مادة وإذا كان مادة لما قبل افتراضيات وانغماس في الخيالات.. كيف إذاً أثق به وهو أنشئ من مادة عشوائية!!
العقل وحده لن يوصاني إلى اليقين.. سأجعل عقلي وقلبي دليلين في توصلي إلى الحقيقة.
الإسلام يخاطب العقل قبل القلب..
أعلم أن الكثيرين استغربوا وانصدموا من سرعة اقتناعي بالإسلام والرجوع إليه.
لحظة من زمن طويل مرهق من البحث.. لحظةٌ اقتربت فيها من الله.. ناديته بأسمائه فوجدته، شعرت بوجوده يملأ كل الكون هو إله الإسلام… هو شعور لا يستشعر به إلا الضائع الباحث عن الحقيقة في زمن العشوائيات.. فالحمد لله الذي هداني بعد الضلال.
_________________________________
المصدر: بتصرف كبير عن كتاب/ العائدون إلى الفطرة، مركز دلائل، الطبعة الأولى، 2016