لوحظ انخفاض حدوث تسوس وسقوط الأسنان بزيادة تناول اللبن خاصة وأن إضافة الفلوريد إلى اللبن أكثر تأثيرا في منع تسوس الأسنان من إضافته إلى الماء…
(مقتطف من المقال)
أ.د. رمضان هلال
اللبن أو الحليب.. يبدأ تكوينه من المواد الغذائية التي تتغذى عليها إناث الثدييات، بعد أن يتم هضم الطعام وامتصاصه ووصوله إلى الكبد عبر الأوعية الدموية ومن ثم إلى خلايا الضرع أو الثدي وقنواته ليفرز اللبن الخالص من كل الشوائب في قنوات الضرع.
وقد أشار القرآن الكريم إلى إنتاج اللبن وإخراجه بقدرته جل شأنه من بين فرث ودم “لبنا” خالصا سائغا للشاربين، يجزيء الأصحاء ويكفيهم، ويقوي المرضى ويشفيهم وصدق الحق إذ يقول: “وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ” (النحل:66). فالغدد اللبنية هي التي تفرز اللبن، ولكن الكثير من مكوناته يأتي من أنسجة أخرى من الجسم وخاصة الدم والأمعاء.
والعلم الحديث قد كشف لنا أن مراحل تكوين اللبن كلأتى:
تبدأ بعملية الهضم و التي تبدأ بمضغ الطعام و خلطها باللعاب ثم تنتقل بعد ذلك إلي معدة الحيوان المركبة حيث يتم الهضم الميكانيكي و الميكروبي و الكيماوي للغذاء و في الحيوانات المجترة يتم إجترار الكتلة الغذائية وبعد إتمام الهضم تكون الكتلة الغذائية قد تحولت إلي فرث.
= يأخذ الفرث طريقة إلي الأمعاء الدقيقة حيث يتم إفراز العصارات الهاضمة المختلفة (من الأمعاء-البنكرياس-الكبد).
= الاستخلاص من بين الفرث: حيث تقوم الخملات بامتصاص المواد الغذائية التي تم هضمها حيث تأخذ طريقها إلي الدورة الدموية.
= الاستخلاص من بين الدم: يقوم الدم بتوزيع المواد الغذائية إلي جميع أجزاء الجسم و منها إلى الضرع، و تقوم خلايا الضرع بامتصاص مكونات اللبن من الدم.
وبذلك يتضح أن معظم مكونات اللبن تأتي إما من الفرث، أو من الدم، أو من كليهما معا وذلك بعد تصفية وتنقية هذه المكونات لكي يخرج ” لبنا خالصاً ” نقيا خاليا من العناصر غير الضرورية، ليس هذا فحسب ولكن “سائغا” طيب المذاق مستساغ الطعم.
اللبن ومنتجاته وعلاقتها بصحة الإنسان
والمصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أخبرنا منذ أكثر من أربعة عشر قرنا بما توصل إليه العلم الحديث بعد رحلة شاقة من الأبحاث والدراسات حول أهمية اللبن الغذائية والصحية للإنسان، وأن اللبن غذاء كامل أو هو أكمل غذاء، ولا يوجد ما هو خير منه للإنسان.
ونذكر هنا ما رواه الترمذي في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه وإذا سقى لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإنه ليس شيء يجزيء من الطعام والشراب إلا اللبن).
حقا وصدقت يا رسول الله، يا من علمك ربك وأوحي لك .. ليس شيء يجزيء من الطعام والشراب إلا اللبن .. كلمات معدودات حوت علوم ومعارف ودراسات وأبحاث وتجارب .. حقائق قررتها وذكرتها منذ أكثر من 1400 عام.
نعم إن اللبن هو خير الأغذية، فهو أول ما يتغذي به الرضيع و تنمي به الأبدان، سائغاً للشاربين.
و هكذا يتجلي لنا بوضوح أن النبي (صلي الله عليه و سلم) قد أشار إلي قيمة اللبن الغذائية المتميزة في زمن لم يدرك الناس فيه تركيب اللبن و ما يحتويه من عناصر غذائية هامة. ولا يخفى على أحد أهمية اللبن بالنسبة للناقهين وكذلك لكبار السن حيث يكون اللبن جيدا ومغذيا يعطي لهم كثيرا ًمن المغذيات بطريقة سهلة التمثيل، ويمدهم بفيتامين (د) والذي قد يكون مفيدا لكبار السن الذين لا يستطيعون الخروج إلى ضوء الشمس.
منتجات الألبان والفم والأسنان وهشاشة العظام:
لوحظ انخفاض حدوث تسوس وسقوط الأسنان بزيادة تناول اللبن خاصة وأن إضافة الفلوريد إلى اللبن أكثر تأثيرا في منع تسوس الأسنان من إضافته إلى الماء. وقد ذكر تقرير خبراء المركز الصحي الأمريكي أفضلية منتجات الألبان كمصدر للكالسيوم.
منتجات الألبان وضغط الدم:
أظهرت الأبحاث أن الغذاء المكون من منتجات الألبان الفقيرة في الدهن والخضروات والفاكهة لها تأثير مفيد على ارتفاع ضغط الدم.
التأثير الوقائي لمنتجات الألبان ضد السرطانات:
تشير الكثير من الدراسات إلى دور بروتينات اللبن في الوقاية من السرطانات، وقد أظهرت نتائج مشجعة لقدرة منتجات اللبن على منع تكوين الأورام في القولون والثدي.
الخصائص المناعية للبن الإبل:
أوضحت الدراسات الحديثة أن لبن الإبل يمتاز بميزات مناعية فريدة، حيث أنه يحتوي على تركيزات مرتفعة للغاية من بعض المركبات المثبطة لفعل بعض البكتريا الممرضة وبعض الفيروسات.
في الهند يستخدم لبن الإبل كعلاج للاستسقاء واليرقان ومتاعب الطحال والسل والربو والأنيميا والبواسير وقد تحسنت وظائف الكبد في المرضى المصابين بالتهاب الكبد بعد أن عولجوا بلبن الإبل. هذا هو اللبن الذي أخرجه المولى جل شأنه بقدرته العظيمة من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين يجزئ الأصحاء ويكفيهم ويقوي المرضى ويشفيهم.
ويتجلى لنا بوضوح أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى قيمة اللبن الغذائية المتميزة في زمن لم يدرك فيه الناس تركيب اللبن وما يحتويه من عناصر غذائية هامة.
وهذه الإشارات العلمية المعجزة في كتاب الله تبقى شاهدة لنا وللأجيال القادمة من بعدنا حتى قيام الساعة على أن القرآن الكريم كلام الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم أنبيائه ورسله، وأنه صلى الله عليه وسلم كان موصولا بالوحي معلما من قبل خالق الملك والملكوت، وأنه عليه صلوات الله وتسليماته لا ينطق عن الهوى.
لأنه لا يمكن أن يتصور عاقل دقة هذه المعلومات الدقيقة والتي لم يكشف عنها العلم الحديث إلا قريبا عن دقة أسرار تكوين اللبن في كلمات موجزة وما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيمة غذائية وعلاجية لن يضيف إليها العلم شيئا جديداً.وقد وعد المولى عز وجل المتقين بأن لهم في الجنة أنهاراً من لبن وأنهاراً من عسل مصفى.. حيث يقول في محكم التنزيل: “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى” (محمد:15).
المصدر: بتصرف عن موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة