حتى المخلوقات التي تعيش في الكهوف ولا تستطيع الرؤية.. فقد أعطاها الله أفضل تصميم يناسب بيئتها، ولو كانت قادرة على الإبصار لتعبت عيونها وأصابتها الأمراض، ولذلك حرمها الله من نعمة البصر رحمة ورأفة بها…
(مقتطف من المقال)
عبد الدائم الكحيل
نحن نعلم أن الأسماك عاشت على الأرض قبل 500 مليون عام وهي من أوائل المخلوقات المعقدة ظهوراً.. أما القرود فلم تظهر إلا خلال عدة ملايين مضت من السنين.. وعلى أساس نظرية التطور يجب أن تكون القرود أذكى بكثير من الأسماك للأسباب التالية:
– دماغ القرد أكبر بكثير من دماغ السمكة..
– القرد مرّ بمراحل كثيرة من التطور، حيث إنه في الأصل كان سمكة ثم تطور عبر مئات الملايين من السنين حتى أصبح قرداً.. فاكتسب ذكاء كل المخلوقات التي سبقته.
– حسب الاصطفاء الطبيعي يجب أن يتمتع القرد بذكاء أعلى من السمكة في كل شيء!
ولكن هل هذا هو الواقع؟
لقد قام العلماء بتجربة على القرود بمختلف أنواعها مثل القرد العادي والشمبانزي وإنسان الغاب.. مقارنة مع الأسماك لاختبار الذكاء لديهم.. واستخدموا أبسط اختبار ممكن وهو الطعام.. فغريزة الجوع موجودة لدى كل الكائنات الحية.
قدموا نوعين من الطعام: طعاماً ملوناً ولكنه مؤقت أي مرة واحدة.. وطعاماً غير ملون دائماً أي كل يوم. وتبين للباحثين أن الأسماك تعرفت على الطعام الدائم بسرعة كبيرة ومنذ المرة الأولى.. على عكس القرود التي لم تميز بين الطعام الدائم أو المؤقت.
إذاً الأسماك تفوقت على القرود مع أن دماغها أصغر بكثير، بل تفوقت على الأطفال الصغار أيضاً من البشر في مثل هذه الاختبارات!
أسماك من نوع Clownfish لها لغة خاصة بها تستخدمها مع بقية المجموعة للدفاع عن نفسها وكسب رزقها.. بل والتعاون مع كائنات بحرية أخرى على الاصطياد.. وهذا الأسلوب غير متوافر في عالم القرود.. وبالتالي فإن الأسماك تتمتع بامتلاك تقنيات صيد وتعاون مع أجناس أخرى ربما تتفوق على القرد بكثير؟
إن هذه الظاهرة – ظاهرة الذكاء عند الكائنات الحية – تناقض بشدة نظرية التطور.. فكل كائن حي له ذكاؤه المستقل والمناسب لحياته ومعيشته وبيئته.. وبالتالي يمكن أن نؤكد بأنه لا يوجد كائن أذكى من كائن آخر.. لأن ذكاء كل كائن جاء مناسباً له…
فالنملة هي مخلوق نشأ قبل الإنسان بملايين السنين، ولكن النملة لا تقل ذكاء عن الإنسان.. فالنمل مهندس بارع، ولديه أساليب في البناء والتواصل وتنظيم المرور يتفوق فيها على البشر… النمل لديه أسلوب متطور في التواصل وفنون في القتال والاستعباد والتربية ولديه عاطفة… فهو مخلوق متكامل وليس مجرد حلقة في سلسلة التطور كما يعتقد البعض..
إن تصميم القرد مناسب جداً لحياته ومعيشته وظروفه وبيئته.. ولا يمكن لأحد أن يدعي أن تصميم القرد أفضل من تصميم السمكة.. بل كل مخلوق منهما تم تصميمه بشكل إبداعي مستقل.. والتشابه بين هذه الكائنات من حيث التركيب الخلوي والوظيفي.. إنما يدل على أن الخالق واحد سبحانه وتعالى، وليس بالضرورة أن أحدهما تطور من الآخر!!
صنع الله…
وهكذا نستطيع أن نستنتج أن الذي خلق السمكة هو الذي خلق القرد.. وهو الذي وضع لكل منهما نسبة ذكاء مناسبة له.. ولذلك قال تعالى: “الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ” (السجدة:7).. فهذه الآية تؤكد أنه لا يوجد مخلوق متطور ومخلوق أقل تطوراً.. بل كل مخلوق أتقنه الله تعالى وأعطاه الخلق المناسب له: “صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ” (النمل:88)…
فالله تعالى يقول: (أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ).. ونظرية التطور تقول: لا يوجد إتقان بل صراع من أجل البقاء وانتخاب طبيعي ومجرد قوانين وطفرات عشوائية تحدث بالمصادفة.. فمن نصدق؟!
والخلاصة: لا يوجد مخلوق أحسن من مخلوق من حيث التصميم أو الإبداع أو الذكاء، بل كل شيء صنعه الله تعالى هو متقن ويتمتع بكفاءة عالية وذكاء مناسب، ولا يمكن لأحد أن يأتي بتصميم أحسن مما هو موجود حالياً في المخلوقات.
حتى المخلوقات التي تعيش في الكهوف ولا تستطيع الرؤية.. فقد أعطاها الله أفضل تصميم يناسب بيئتها، ولو كانت قادرة على الإبصار لتعبت عيونها وأصابتها الأمراض، ولذلك حرمها الله من نعمة البصر رحمة ورأفة بها..
فلو سألنا علماء التطور أنفسهم: هل يمكن أن يبدعوا لنا تصميماً لليعسوب مثلاً أفضل مما هو عليه، فالجواب بالطبع لا يمكن، وسوف يؤكدون أن كل شيء في هذه الحشرة جاء مناسباً لها، فتصميم الأجنحة وتصميم الأعين الذي يتفوق على البشر!! وكذلك تصميم الأرجل المناسب للتعلق والطيران وليس للمشي! وتصميم نظام التنفس والنظام العصبي… وتصميم الدماغ والقلب والبطن… كل شيء يعتبر إبداعياً ولا يوجد نقص أو خلل في هذا التصميم.. وبالتالي لا يمكن لهم أن يأتوا بتصميم أفضل.. بل إنهم يحاولون تقليد تصميم اليعسوب في اختراع طائرات متطورة… لأن اليعسوب لديه أسلوب فريد في الطيران يعجز أعظم مهندسي البشر عن تقليده!!
إن الله خلق كل كائن حي بشكل مستقل، وبتصميم مثالي، وهيّأ له البيئة المثالية قبل أن يخلقه، ولكن داروين يقول عكس هذا الكلام.. فهو يعتقد أن اليعسوب وجد بالمصادفة وتأقلم مع البيئة من حوله بالمصادفة.. وأجنحته تطورت بالمصادفة، ودماغه تطور بالمصادفة… وأسلوب الطيران المتطور لديه جاء بالمصادفة… فأي إنسان عاقل يمكن له أن يصدق كل هذه المصادفات العبثية؟؟
قال تعالى: “قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ” (الرعد:16).
المصدر: بتصرف يسير عن موقع أسرار الإعجاز العلمي