في هذه الفترة العصيبة التي يعيشها عالمنا العربي والإسلامي تختل المفاهيم لدى بعض الناس، وتسلل الشكوك إلى مخيلاتهم عاصفة بقناعاتهم و ثوابتهم.. ويتساءل البعض: ما الخلل فينا حتى نصبح مطمعا ومرمى لسهام الكل.. فتتسلط علينا -نحن المؤمنين بالله- أمما وشعوبا لا تدين بدين الله بل قد لا تدين بأي دين من الأساس؟!!!
وهنا نستحضر حوارا قصيرا لفضيلة الشيخ/ محمد متولي الشعراوي مع أحد المستشرقين الغربيين.. حوارا رغم قصره كفيلا بكشف اللثام عن تلك المسألة وتوضيح الصورة فيها.
يقول الشيخ الشعراوي: لما كنت في سان فرانسيسكو سألني أحد المستشرقين: هل كل ما في قرآنكم صحيح؟
فأجبت: بالتأكيد نعم
فسألني: لماذا إذاً جُعِل للكافرين عليكم سبيلا؟!.. رغم وجود آية في القرآن تنفي إمكانية حدوث ذلك: “…وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” (النساء:141).
ما الفرق بين المسلمين و المؤمنين ؟
فأجبته: لأننا مسلمين ولسنا مؤمنين!!
فتساءل متعجبا: فما الفرق بين المؤمنين و المسلمين؟
قلت: المسلمون اليوم يؤدون جميع شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وحج وصوم رمضان.. إلخ من العبادات، ولكنهم في شقاءٍ تام!!
شقاء علمي واقتصادي واجتماعي و عسكري.. إلخ، فلماذا هذا الشقاء؟
جاء في القرآن الكريم : “قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ…” (الحجرات:14).
فالقرآن الكريم أوضح أن تلك الفئة ومن شابههم كانوا فقط مسلمين و لم يرتقوا إلى مرحلة المؤمنين.. فلنتدبر ما يلي:
– لو كانوا مؤمنين حقاً لنصرهم الله، بدليل قوله تعالى: “… وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” (الروم:47).
– لو كانوا مؤمنين لأصبحوا أكثر شأناً بين الأمم والشعوب، بدليل قوله تعالى: “وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” (آل عمران:١٣٩).
– لو كانوا مؤمنين، لما جعل الله عليهم أي سيطرةً من الآخرين، بدليل قوله تعالى : “… وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” (النساء:141).
– ولو كانوا مؤمنين لما تركهم الله على هذه الحالة المزرية، بدليل قوله تعالى: “مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ…” (آل عمران:179).
– ولو كانوا مؤمنين لكان الله معهم في كل المواقف، بدليل قوله تعالى: “… وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ” (الأنفال:19).
-ولكنهم بقوا في مرحلة المسلمين ولم يرتقوا إلى مرحلة المؤمنين، قال تعالى: “… وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ” (الشعراء:158).
فمن هم المؤمنون إذا؟
الجواب من القرآن الكريم هم : “التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ” (التوبة:١١٢).
– نلاحظ أنّ الله تعالى ربط موضوع النصر والغلبة والسيطرة ورقِيّ الحال بالمؤمنين وليس بالمسلمين!
رحم الله الشيخ الجليل وتجاوز الله عنا وعنه.
__________________________________________